العدد 4021
الجمعة 18 أكتوبر 2019
banner
“جوكر”
الجمعة 18 أكتوبر 2019

اللغط الكبير، وردود الأفعال المختلفة، من إيجابية إلى سلبية، والإطراءات المبالغ فيها أحياناً، تجعل الكثير من الناس يرغبون في معرفة سبب هذا التفاعل المتباين مع فيلم “جوكر”، وهو ما شجعني حقيقة إلى مشاهدة الفيلم، رغبة مني في محاولة اكتشاف الأسباب التي دفعت الناس إلى هذا التفاعل المضطرب، وهو تفاعل قل ما يحدث مع فيلم بحد ذاته؛ إذ اعتدنا أن نشهد ذلك في فترات متباعدة جداً لفيلم يحدث ضجة في اتجاه واحد، وليس ضجيجاً متبايناً كهذا!

قد حصد فيلم “جوكر” في الولايات المتحدة الأميركية وحدها أربعين مليون دولار تقريباً في يوم، وفقاً لوكالات أنباء، ويعد ذلك رقماً كبيراً جداً، ويتضمن الفيلم معاني مجتمعية وسلوكية عميقة، لكنه غارق في المأساوية، والإجرام، والفوضى، ولا يمكن أن يمر هذا الفيلم بقصته وأحداثه وتجاوزاته الأخلاقية والاجتماعية من أية رقابة للمصنفات المرئية في دولنا العربية والإسلامية؛ إذ إنه يؤسس لردود أفعال قاسية وإجرامية مرضية، نتيجة ما يتعرض إليه بطل الفيلم من ظروف قهرية تؤول به إلى التحول من إنسان عادي وطبيعي، يمتهن مهنة التهريج، إلى مريض نفسي خطير، يقوده مرضه إلى قتل مجموعة من الناس، ومنهم والدته، ومقدم البرامج الذي يؤدي دوره النجم “روبرت دي نيرو”!

ورغم ما يمتلئ به الفيلم من إجرام ومأساوية، ورغم السيناريو العادي المعتمد على أحداث وصراعات فجائية ليست ذات تمهيد مسبق في غالب الأحيان، ومبالغات تجعل من الأمن غير كفيل بقمع مجرم واحد، إلى جانب عدم واقعية بعض الأحداث، إلا أن هناك ما امتاز به الفيلم، وجعل له هذا التأثير الكبير عند المتلقي، كالضغوط الكبيرة التي يتعرض إليها بطل الفيلم، وفي المقابل، المنطقية التي جعلت منه إنساناً آخر، والرمزية فائقة الدلالات التي جعلت من فرد عادي يمتهن التهريج، مشهورا يتعاطف معه الناس، وينتفضون بتقليده!

“جوكر” فيلم شارك في عدة مهرجانات قبل عرضه في دور العرض السينمائية، وحصل على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، وأؤيد أن ينافس بطله (خواكين فينيكس) على أوسكار أفضل ممثل للعام (2019)؛ لتحضيره الكبير استعداداً لخوض تجربة التمثيل في هذا الفيلم، وقدرته الكبيرة على تجسيد شخصية معقدة، مريضة، تمر بالكثير من الأحداث والتحولات في ساعتين من الزمن تقريباً، لكن يبقى الفيلم، لا ينصح بأن يشاهده الأطفال أبداً، ولا أصحاب القلوب الضعيفة، أو الذين يعانون من بعض الأمراض النفسية، ولو كان بيدي القرار لقمت بوضع ضوابط أكثر تعقيداً من مجرد العمر لمن يمكن السماح لهم بمشاهدة هذا الفيلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية