+A
A-

"السعودية".. المصرف المركزي الجديد للنفط في العالم

قال عالم الاقتصاد المختص في أسواق الطاقة طوال أربعين عاماً، الدكتور فيليب فيرليجر، إن السعودية تعاملت بشكل محترف مع الهجمات الأخيرة التي استهدفت البنية التحتية النفطية للمملكة والتي استخدمت فيها الصواريخ والطائرات المسيّرة.

فيرليجر أشاد في مقالة افتتاحية لنشرة "إنرجي انتليجنس" بالطريقة التي استجابت بها السعودية للهجمات وقال إنها تصرفت بطريقة بددت المخاوف.

وعقد فيرليجر وهو أحد مستشاري وكالة الطاقة الذرية الدولية، مقارنة بين استجابة المملكة للهجمات وإجراءات إدارة الأزمة الخاصة بالمصارف المركزية، قائلاً إن المملكة تصرفت بعد الهجمات وفقاً للطريقة التي توصي بها "الأدبيات المالية" تماماً، وبرهنت على أنها تعد حقاً "مورّداً موثوقاً" يُعتمد عليه.

وأشار فيرليجر إلى أن طلبات العملاء قد تم تلبيتها، وأن كميات البترول التي كان من المفترض أن تذهب إلى معامل التكرير السعودية، تم إعادة توجيهها لتذهب إلى المستهلكين.

وقال "نتيجة لهذا، سرعان ما تبددت المخاوف، انخفضت علاوات المخاطر بدلاً من أن ترتفع، وتراجعت الأسعار بعد صعودها المبدئي في أول الأزمة".

ويرى فيرليجر أنه "يمكن للمرء أن يأمل أن وكالة الطاقة الدولية والدول الأخرى المستهلكة للنفط سوف تستوعب جيداً الدرس المستفاد الذي قدمه المسؤولون السعوديون".

فقد تغيرت إدارة الأزمات النفطية مع هجوم سبتمبر على منشآت النفط السعودية. كان السيناريو المنتظر هو أن يقوم مسؤولو سياسة الطاقة في جميع أنحاء العالم بطمأنة المستهلكين بأن الأسواق "مجهزة بشكل جيد" ، مع السماح للأسعار بالارتفاع.

ولكن هذه المرة كانت مختلفة. فقد تدخلت حكومة المملكة العربية السعودية حيث لم يكن لدى مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة (IEA) دور أبدًا، على الرغم من دورهم الظاهري في حماية المستهلكين، وتبنت السعودية إجراءات إدارة الأزمات التي يتبعها محافظو البنوك المركزية في أوقات الضغط النقدي. تم تلبية مطالب المستهلكين. لم يسمح للأسعار بالارتفاع. وأصبحت المملكة العربية السعودية البنك المركزي للنفط.

يفتقر سوق النفط إلى مثل هذا البنك المركزي، الذي يمكن أن تلعب دوره الولايات المتحدة إذا كانت ترغب في عرض النفط الخام للبيع في أول بادرة ذعر. الحكومات الأوروبية التي تملك مخزونات يمكن أن تفعل ذلك أيضا. ومع ذلك، على الرغم من العديد من الفرص، لم تقم الولايات المتحدة ولا وكالة الطاقة الدولية ولا حكومات أوروبا أو اليابان بتفعيل هذا الدور. في الأزمات الماضية، تم السماح للأسعار وكذلك علاوة المخاطر بالارتفاع دون عوائق.

وتابع "في الشهر الماضي، ظهر تصرف السعودية على وجه التحديد كما تنص الأدبيات المالية، وإنها حقيقة بنك مركزي للنفط، فقد تم تلبية مطالب العملاء، تم إعادة توجيه كميات النفط الخام المخصصة للمصافي السعودية إلى المستهلكين، ونتيجة لذلك، تبدد الهلع على الفور، وانخفضت أقساط المخاطرة بدلا من الارتفاع، وانخفضت الأسعار بعد الارتفاع الأولي".

ولفت إلى أن الدرس المستفاد من الاضطرابات الماضية هو أن "الشركات تبحث أولا عن نفسها وعن الأرباح، وهنا تبرز الإجراءات الأخيرة للسعوديين، إذ قفزت أسعار النفط الخام سبعة دولارات للبرميل في 16 سبتمبر الماضي، وسط أنباء عن أضرار جسيمة في المنشآت الرئيسة في المملكة، وبحلول 30 سبتمبر، كانت أسعار "برنت" قد عادت تقريبا إلى مستويات 13 سبتمبر، يوم الجمعة قبل الهجوم، وكانت أسعار لخام غرب تكساس الوسيط أقل بمقدار أربعة دولارات للبرميل عن يوم 13 سبتمبر، وتراجعت الأسعار لأن السعودية اتبعت وصفة طبية: أنها زودت النفط لعملائها".