+A
A-

بخطاب التهديد.. حزب الله "الخائف" يسعى لتخويف اللبنانيين

بعد تهديده بأن ميليشياته هي "الطرف الأقوى" في لبنان، وتلويحه بجر البلاد إلى "حرب أهلية"، اتجهت الأنظار إلى زعيم ميليشيات حزب الله، حسن نصر الله، لكشف الرسائل الظاهرة والمبطنة في خطابة، والدوافع التي جعلته يصعد من لهجته.

وبالرغم من الحراك الشعبي القوي في لبنان، المستمر منذ 9 أيام، للمطالبة بتغيير الحكومة ومحاربة الفساد والابتعاد عن الحزبية الطائفية، وغيرها من المطالب المشروعة، خرج نصر الله بخطاب تصعيدي انطوى على تهديد باستخدام محتمل للقوة.

وحذر نصر الله، الجمعة، من أن تؤدي المظاهرات التي تجتاح أنحاء لبنان إلى "حرب أهلية" محتملة، رافضا دعوات متصاعدة مطالبة باستقالة الحكومة والرئيس.

وتابع: "أخشى أن يكون هناك من يريد أن يقود لبنان إلى حرب أهلية"، معتبرا أن ميليشيات حزب الله هي "الطرف الأقوى" في لبنان.

وتأتي التصريحات، التي ضربت بمطالب المتظاهرين عرض الحائط، بعد أن حاصر المئات من عناصر حزب الله، ساحة رياض الصلح وسط بيروت، حيث يتجمع المحتجون، عقب مواجهات بين الطرفين استدعت تدخل قوات الأمن لإنقاذ الموقف.

وإن دلت هذه الخطوات على شيء، فهو أن حزب الله أصبح يدرك تماما أنه "محاصر في الزاوية"، وأنه في "موقع الخاسر"، بحسب الكاتب الصحفي، محمد نمر.

تهديد واضح

وقال نمر في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "يحاول نصر الله أن يرهب ويخوف الناس، فخطابه لا يتضمن تحذيرا وإنما تهديدا واضحا، لأنه يدرك أن تغيير الحكومة سيجعله في موقع الخاسر".

وتابع: "حزب الله يهدد بالحرب الأهلية في حال تم تغيير الحكومة، إلا أن الحقيقة عكس ذلك، إذ يمكن أن يحدث انتقال هادئ لحكومة جديدة، وهذا مصطلح لجأ إليه (رئيس الوزراء سعد) الحريري، لكن حزب الله يرفض هذا، بل ويهدد بالحرب الأهلية إذا حدث ذلك".

ودعا نمر أنصار حزب الله للتمعن في سياساته وإعادة النظر في موقفهم، قائلا: "على أنصار حزب الله أن يعرفوا أن الفاسد الأكبر في هذا البلد هو حزب الله، فهو حزب سياسي يشارك في الحكم، لكنه منفرد بفساد سياسي وسيادي كبير، وقد عطل البلاد لسنتين ونصف السنة من أجل إيصال رئيس جمهورية إلى سدة الرئاسة، مما أدى إلى شلل كل مؤسسات الدولة".

واستطرد قائلا: "حزب الله هو من يستغل المعابر غير الشرعية لإدخال بضائعه، ويستغل المرفأ ومطار بيروت وغيره. هو الفاسد الأكبر الذي يضم أشخاصا فرضت عليهم أحكام بتهمة اغتيال رفيق الحريري، وهو من جرنا إلى العقوبات التي أثرت على الاقتصاد".

"تحرير لبنان من اللبنانيين!"

وعن إمكانية انجرار لبنان إلى الفوضى حسبما يحذر نصر الله ، قال نمر: "أعتقد أن مساعي ميليشيا حزب الله قد تنجح ميدانيا لفترة قصيرة، في حال لجأ إلى الشارع واستخدم السلاح، لكن على المدى الطويل لن تكون من مصلحته، لأن لبنان ليس منعزلا عن المجتمع الدولي أو العربي، الذي يحاول حزب الله أن يبعده عنه".

وأضاف: "الأمور تنقلب على حزب الله بشكل واضح، وأخشى أن يتجه إلى مرحلة يقول فيها إنه يريد أن يحرر لبنان من اللبنانيين! ليُدخل إيران فيها، أو أن يتجه إلى سياسة التجويع التي لجأ إليها في مضايا والزبداني بسوريا".

وتابع: "حقيقة حزب الله تظهر الآن، فهو ليس حزبا لبنانيا، إذ طالما انشغل عن اللبنانيين ومصالحهم، بتدخلاته في المنطقة العربية لصالح إيران، التي يطبق أجندتها بكل جهد".

"رقص على حافة الهاوية"

من جانبه، رأى الكاتب والباحث السياسي يوسف دياب، أن نصر الله يسعى بكل وضوح إلى "تخويف اللبنانيين"، قائلا: " من يراقب تحركات اللبنانيين يدرك أن هذه الثورة لا تتكون سوى من شباب طامحين لواقع أفضل، ولا يملكون قوة التفجير أو التخريب، ومن يملكها هو حزب الله دون سواه. نصر الله يخوف اللبنانيين بالحرب الأهلية، ويؤكد أن باستطاعته قلب الطاولة في أي وقت".

وبرر دياب موقف حزب الله هذا، بأنه بمثابة "الرقص على حافة الهاوية"، وأضاف: "حزب الله يشعر بالحصار الذي تتعرض له إيران في المنطقة، والذي يكبر يوما بعد يوم، فالخناق يضيق على إيران في سوريا، كما أن نفوذها في اليمن يتقلص إلى حد كبير".

كما نوه الكاتب والباحث السياسي إلى أن حزب الله يمر بـ"أسوأ مرحلة مادية له على الإطلاق"، خاصة بعد أن طالت العقوبات قادته.

وتابع في حواره مع "سكاي نيوز عربية": "حزب الله اليوم يحاول من خلال هذه التهديدات أن يضرب عصفورين بجحر، الأول أن يخوف الشركاء السياسيين في لبنان، خصوصا رئيس الحكومة ووليد جنبلاط، أما الثاني فهو أن يهدد اللبنانيين الذين تتزايد أعدادهم في هذه الانتفاضة على هذا الواقع، الذي يقوده حزب الله".

نصر الله.. "هدوء الشكل وغليان المضمون"

أما رئيس الوزراء الأسبق، فؤاد السنيورة، فاعتبر أن نصر الله كان "هادئا في الشكل خلال خطابه، لكنه لم يكن كذلك في المضمون، عندما أكد أنه أقوى قوة في لبنان، وأنه قادر على فرض ما يريد وأن يتدخل عندما يرى ذلك".

وأضاف لـ"سكاي نيوز عربية": بما أن نصر الله لديه السيطرة الحقيقية على الحكومة وعلى البلد بقبضة حديدية، فلن يرضى بأي تغيير، ولا يهمه أن يبقى المتظاهرون في الشارع، خاصة أنه يعلم أنه لا توجد قيادات للحراك وأنه ناتج عن غضب الناس".

وشدد السنيورة في الوقت نفسه، على أنه "لأول مرة في لبنان، يجتمع الناس في جميع الساحات، من مختلف الطوائف، لأنهم يريدون لبنان حرا مستقلا، ويريدون إدارة حقيقية لشؤونهم العامة بحكمة وحرص على المال العام، ويريدون حكومة جديدة مبنية على أشخاص ليسوا تابعين للأحزاب، وهذا ما شهدناه من الناس التي رفضت الكثير من المتسلقين من الأحزاب، الذين أرادوا السيطرة على الحراك".

تشكيل حكومة جديدة

وعن رؤيته لحل الأزمة في لبنان، شدد السنيورة على أهمية تشكيل حكومة جديدة، وقال: "الحريري يحاول إيجاد مخارج، ولا أرى أنه يمانع في إيجاد حكومة جديدة، لكنه لا يريد أن يتخذ أية خطوة تأخذ البلاد إلى المجهول. الحريري يريد أن يصل إلى توافق بشأن حكومة جديدة قبل أن يستقيل".

ونوه رئيس الوزراء الأسبق إلى أن "الوضع شديد الدقة والصعوبة"، مضيفا: "حكومة مثل الحكومة الحالية، لن تستطيع أن تشكل صدمة إيجابية تهدئ الأسواق، فالاختلال الكبير الذي حدث خلال الفترة الماضية، الذي أبعد لبنان عن محيطه العربي، انعكس عمليا في انخفاض النمو الاقتصادي وزيادة العجز في الموازنة والخزينة".

واندلعت الاحتجاجات بسبب الظروف الاقتصادية القاسية والغضب م نالنخبة السياسية المتهمة بسوء إدارة الأموال واستغلال موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية، كما امتدت المطالب إلى إعادة هيكلة النظام السياسي بعيدا عن المحاصصة الطائفية.