العدد 4035
الجمعة 01 نوفمبر 2019
banner
مقتل البغدادي... الإرهاب للخلف دُر! (1)
الجمعة 01 نوفمبر 2019

على عكس البحث في مصير تنظيم “القاعدة” بعد مقتل أسامة بن لادن في الثاني من مايو 2011، حيث تباينت آراء الخبراء والمحللين وقتذاك حول نهاية التنظيم من عدمه، اتفق الجميع عقب إعلان مقتل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم “داعش” على أن اختفاء البغدادي لا يعني نهاية التنظيم. للتجارب السابقة مع تنظيمات الإرهاب المعاصرة أثر مهم بالتأكيد في هذا الاتفاق والإجماع.

وفي اقتفاء الأثر والبحث في مآلات “داعش”، وفي تفسير ذلك هناك اتجاهات عدة منها ما يراه الكثيرون من أن آيديولوجية الفكر الإرهابي تعيش في حواضن مجتمعية توفر لها سبل البقاء، بحيث تعيش دورة حياتها بين مد وجزر، وتمدد وانكماش، وهذا التفسير صحيح إلى حد كبير وينطوي على أهمية لا يمكن إغفالها، ولكنها ليست، برأيي، العامل الوحيد في استمرار بقاء “القاعدة” على قيد الحياة حتى الآن، ولن تكون، بالتالي، العامل الأوحد في استمرار “داعش” وبقائه على قيد الحياة رغم مقتل مؤسسه، كما يقول الجميع.

إذا، ما الأسباب الأخرى التي تغذي بقاء تنظيمات الإرهاب على قيد الحياة؟! باعتقادي الشخصي إن الأفكار لا تموت بموت أصحابها وهذا صحيح، ولكن من قال إن البغدادي، ومن قبله ابن لادن، هما أصحاب فكر آيديولوجي قابل للتوارث والانتقال بين الأجيال؟ الحقيقة أن البحث في مسألة الفكر الآيديولوجي ربما يبدو بصورة أوضح في نموذج البغدادي، الذي تجمع الكتابات على أنه “زعيم بالمصادفة”، وأنه مجرد “ستار” أو واجهة لمجموعات من المنتفعين والمتاجرين بالشعارات الدينية من أجل تحقيق أهداف سياسية ومصالحية، وهؤلاء المنتفعون ربما يكونون أفراداً أو مجموعات مصالح أو أجهزة استخبارات أو دولا أو كل هؤلاء معاً حين تتلاقى المصالح والأجندات الخفية والمعلنة! فالبغدادي لم تعرف عنه الزعامة ولا القيادة بل كان كما وصفه من عرفوه في فترات سابقة من حياته، شخصا انطوائيا محدود الثقافة والعلم الشرعي، وهو ما يفسر إلى حد كبير عدم ظهوره سوى مرتين فقط في لقطات فيديو مصورة طيلة السنوات التي ملأ تنظيمه فيها الدنيا ضجيجاً وقلقاً، علاوة على استعانته بمفت خاص للتنظيم لإبداء الرأي الشرعي في المسائل الفقهية، ما يعني أن البغدادي لم يكن، باعترافه، مؤهلا كزعيم ديني، وهي الصفة الوحيدة التي ربما تسوغ له قيادة التنظيم في ظل افتقاره للخبرة العسكرية والإدارية وأية خبرات أخرى يتطلبها دوره كقائد لدولة مزعومة منحت لنفسها ـ في يوم ما ـ الولاية على نحو سبعة ملايين من البشر ومساحة من الأرض تبلغ نحو ربع مليون كيلومتر مربع!. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية