+A
A-

حكومة لبنان "مكانك راوح"... حزب الله يتعنت والحريري تحت الضغط

تتواصل المشاورات والاتصالات بين القوى السياسية اللبنانية، بعضها في العلن وبعضها الآخر في الظل، بحثاً عن حل للأزمة السياسية القائمة منذ 22 يوماً على الانتفاضة الشعبية التي تعمّ لبنان، والتي انضمّ إليها طلاب المدارس والجامعات في مختلف المناطق في اليومين الأخيرين.

ولا تزال المواقف على حالها في شأن تشكيل الحكومة الجديدة، بين رافض لاستنساخ تجربة الحكومة السابقة السياسية والاستجابة لمطالب المنتفضين في الشارع بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلّة، وبين مصرّ على حكومة تكنوسياسية تجمع بين الأحزاب السياسية الموجودة في السلطة ووزراء مستقلّين من ذوي الاختصاص، في وقت لم يُحدد بعد رئيس الجمهورية ميشال عون موعداً للاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة بعد مرور 9 أيام على استقالة الرئيس، سعد الحريري.

وخرقت الزيارة المُفاجئة لرئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، القصر الجمهوري، الخميس، بناء على طلب الرئيس ميشال عون، الجمود السياسي المُستحكم بالملف الحكومي منذ الاستقالة، واكتفى الرئيس الحريري بالقول إثر انتهاء اللقاء: "زرت الرئيس عون للتشاور في الحكومة وسنكمل المشاورات مع باقي الأفرقاء".

"مكانك راوح"

وبقيت الأمور "مكانك راوح" على رغم حركة الاتصالات واللقاءات الناشطة بين القوى السياسية، أبرزها بين الرئيس الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، اللذين عقدا أكثر من لقاء منذ بداية الأسبوع وحتى اليوم من دون أي تقدّم.

وأوضحت أوساط رئيس الحكومة المُستقيل سعد الحريري لـ"العربية.نت" "أن المشاورات تدور في حلقة مُفرغة في ظل تعنّت "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" برفض تشكيل حكومة بمستوى مطالب الشارع، وكأن لا يوجد في روزنامتهما تاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول الذي انطلقت فيه شرارة الانتفاضة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، مروراً بالعاصمة بيروت وجبل لبنان، ووصولاً إلى البقاع".

ولفتت إلى "أنهما يريدان "استنساخ" تجربة الحكومة المُستقيلة ولو من خلال عمليات تجميل طفيفة، بالإبقاء على سياسة المحاصصة وتوزيع المغانم، وكأن ما يجري في الشارع أمر عابر، لأن برأيهما يجب احترام التوازنات السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في مايو/أيار 2018".

وباتت العقدة الأساس التي تحول دون تقدّم عملية التكليف والتأليف، معروفة. فالرئيس سعد الحريري يتمسّك بتركيبة تكنوقراط بامتياز بعيدة من السياسيين، ولا يتمسك برئاسة الحكومة. أما التيار الوطني الحر، فيطرح حكومة خالية من الأسماء النافرة تضم شخصيات من ذوي الاختصاص، لكن بشرط أن تسمّيهم القوى السياسية.

أما الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، فيريدان حكومة شبيهة بالحالية، تجمع بين سياسيين وشخصيات تكنوقراط، لأن برأيهما لا يجوز القفز فوق التوازنات القائمة في مجلس النواب. الانصياع لمطالب الشارع وأشارت الأوساط إلى "أن الرئيس الحريري مع الحزب "التقدمي الاشتراكي" الذي يرأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط و"القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع يشددون على ضرورة "الانصياع" لمطالب الناس وعدم تجاهلها بالذهاب نحو تشكيل حكومة مستقلّة، تضم أخصائيين لا يمثّلون القوى السياسية تكون مهمتها معالجة الوضع الاقتصادي السيّئ".

وقال "الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر يعتقدون أن حكومة التكنوقراط بداية لإخراج بعض القوى من السلطة وكشفها سياسياً أو حتى تصفية حسابات سياسية، وهذا أمر مؤسف في وقت الشارع يغلي".

وتساءلت أوساط الحريري: "هل صرخة الناس التي عبّرت عن وجع حقيقي مؤامرة وعمل سفارات كما يدّعون؟".

4 خطابات في أقل من شهر!

وللمرّة الرابعة في أقل من شهر، سيكون لأمين عام حزب الله حسن نصرالله كلمة من بعد ظهر الاثنين المقبل، يتوقّع أن يُجدد فيها رفض حزب الله تشكيل حكومة تكنوقراط والتمسّك بحكومة تكنوسياسية، تكون حصّة الأسد فيها للأكثرية النيابية التي يستحوذ عليها مع حلفائه في مجلس النواب، لأنه كما يُنقل عن أوساط مقرّبة من الحزب، فإن حكومة التكنوقراط تأتي برأيه تنفيذاً لأجندة أميركية-خليجية-غربية، تهدف إلى وضع حزب الله خارج دائرة القرار المحلي، تمهيداً لسحب سلاحه وتشديد طوق العقوبات الاقتصادية عليه ونقل لبنان إلى "الحضن الأميركي" ووضعه في مواجهة إيران.

حكومة إنقاذ

وفي السياق، أكدت أوساط رئيس الحكومة المستقيل "أن الرئيس الحريري مصرّ على تشكيل حكومة إنقاذ بعيدة كل البُعد من الأحزاب السياسية وتتفاعل مع مطالب الشارع، ولا مشكلة لديه بأن يكون هو رئيسها أو شخصية أخرى، وإلا فليشكّلوا الحكومة التي يريدونها".

وأعلنت "أن الرئيس الحريري يتعرّض لضغوط كثيرة إلا أنه مُصرّ على موقفه بأن تجاوز هذه المحنة لا يتم إلا بتشكيل حكومة إنقاذ اقتصادي ومالي".