العدد 4045
الإثنين 11 نوفمبر 2019
banner
سلام الصواريخ
الإثنين 11 نوفمبر 2019

كعادتها دائما، قدمت لنا إيران نموذجا جديدا وعجيبا لسلام صنعته في مخيلتها وظنت أنه رؤية عصرية لأمن المنطقة، وكأنها لا تشعر أنها المصدر الرئيس لتهديد هذا الأمن، وأن ما تبحث عنه من استقرار للمنطقة يتوقف على سلوكها هي وليس سلوك الآخرين في المنطقة.

هذا النموذج الذي تقدمه إيران هو “سلام الصواريخ”، إذ في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أن الرئيس الإيراني حسن روحاني أرسل إلى دول مجلس التعاون الخليجي والعراق النص الكامل لمبادرة (هرمز السلام) الخاصة بتأمين الملاحة البحرية في المنطقة، وطلب التعاون بهدف تحقيقها وتطبيقها، أعلن قائد الحرس الثوري حسين سلامي أن لدى النظام مخزوناً صاروخياً زائداً عن الحد، وهو ما يطرح تساؤلا عن دلالات هذا التصريح وتوقيته، وهل تريد طهران إرسال رسالة لدول المنطقة أنها بهذا المخزون الهائل قادرة على حفظ الأمن والاستقرار بما لديها من صواريخ تكون بديلة عما تسميه (وترفضه) في مبادرتها بتدخل أجنبي.

وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تستغل إيران هذا المخزون قبل ذلك لتحقيق هذا الهدف، بل لماذا صرفت جزءًا يعتد به من هذا المخزون على ميليشيات إرهابية كالحوثيين وحزب الله لإثارة القلاقل والأزمات بالمنطقة، ولماذا لم تكن طرفا مهدئا للأزمات بدل أن تكون فتيل اشتعالها واستمرارها.

لذا، فإن الأقرب في تفسير هذا التزامن بين الجهة التي تعرض مبادرة للسلام، وبين الجهة التي تهدد وتفتخر بأن لديها صواريخ زائدة عن الحد، أنه بمثابة تحذير من أجل الضغط للقبول بمبادرة تفتقر لكل مقومات النجاح والتنفيذ، خصوصا في ظل الغياب الكامل للثقة في حامل المبادرة من قبل الدول المعنية بها، إضافة إلى المشاهد العملية والممارسات الإرهابية الإيرانية المتواصلة والتي تتضح ملامحها وتظهر مخاطرها في كل بقعة من بقاع المنطقة والتي انتفض ضدها الشعب العراقي بكل أطيافه وتلاه أيضًا الشعب اللبناني بجميع مكوناته ليعبرا عن النتائج المعيشية الكارثية الناتجة عن الهيمنة الإيرانية والرغبة والإصرار في التخلص منها والفكاك من قيودها وبطشها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية