العدد 4071
السبت 07 ديسمبر 2019
banner
ثقافة التهرب من المسؤولية
السبت 07 ديسمبر 2019

اعتاد الفرد العربي أن يحيل الإخفاقات التي يمنى بها إلى الحظ تارة أو النحس الملازم له تارة أخرى، لكن من النادر جدا إلى حد الاستثناء أن يقر العربيّ في موقع القرار بأن سوء التخطيط أو عدم الأخذ بالأسباب الكافية هو سبب الفشل، أمّا الهزائم القومية فإنّ العامل الذي يكمن وراءها هو المؤامرة، وكأننا بمجرد الإقرار بهذا العامل نبرئ أنفسنا من أية مسؤولية.

قبل أيام استمعتُ إلى مسؤول عربيّ يجيب على سؤال حول أسباب هزيمة فريقه فكانت إجابته القاطعة والواثقة بأنه النحس، بالطبع عندما يرجع النحس أو سوء الحظ كسبب فإنه يريد أن يدخل في وعي الآخرين أنه أخذ بكل الأسباب ولم يدخر الجهد للفوز، ومثل هذا التبرير ينسحب على جميع مجالات حياتنا الأخرى من سياسية واقتصادية وعسكرية، فمن منا على سبيل المثال لا يتذكر القول المنسوب إلى أحد المسؤولين العرب عن الكارثة المروعة في حرب 67 بالقول “انتظرناهم من الغرب فجاؤونا من الشرق”.

المفكر العربيّ سعيد ناشيد حلل الظاهرة قائلا من سوء طالعنا أننا العرب نشأنا على ثقافة لا تشجعنا على تحمل مسؤولية أفعالنا ونتائج اختياراتنا، بيئتنا للأسف تشجعنا على الهروب من المسؤولية، يرسب التلميذ في الامتحان فيقول رسبوني، ما يعني أنه ليس مسؤولا عن فشله، المسافر يأتي متأخرا عن الموعد فيقول فاتني القطار، ما يعني أن المسؤولية لا تقع على كاهله، والأمثلة في هذا الصدد تستعصي على الحصر في واقعنا العربيّ، عندما يتعرض المريض إلى الشمس فيمرض نجده يقول ضربتني الشمس أو أصابني البرد، ما يعني أنه ليس الفاعل.

عندما يفشل الشخص في الاختبارات المهنية أو العاطفية فإنه يحيل الأمر كله إلى الحظ أو العدو. إنّ الآباء والأمهات بأساليب تربيتهم الخاطئة أحيانا يسهمون في تلقين أطفالهم هذا النمط من التربية المغلوطة فنراهم يبررون لأبنائهم أخطاءهم، فعندما يصطدم الطفل بالطاولة ويبدأ الصراخ نراهم على الفور يضربون الطاولة لإسكات الطفل وكأنهم يقولون له أنت لست المسؤول، بل المسؤول هو شخص آخر. ويبقى أنه لكي نتخلص من هذه الأمراض فالواجب عدم الركون لنظرية المؤامرة التي أضحت مرضا جماعيا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية