العدد 4091
الجمعة 27 ديسمبر 2019
banner
“التغيير الديموغرافي”... هذا ما يريده أردوغان!
الجمعة 27 ديسمبر 2019

عندما يبادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكما قال وأكد على هذا، بأنه سينقل مئات الألوف من السوريين الذين كانوا قد لجأوا إلى تركيا في وقت مبكر إلى شمالي – شرقي سوريا، فإن هذا يعني أن هناك “تورطاً” في خريطة سكانية جديدة، وحقيقة هذا هو ما كان يريده بشار الأسد بعد انفجار الأوضاع “عنده” في عام 2011، عندما قال وأكد أنه يريد “سوريا مفيدة” أي “مُفصّلة” على أساس طائفي وعلى مقاس الطائفة العلوية التي إذا أردنا قول الحقيقة فإنها بغالبيتها إن لم نقل كلها عروبية وترفض المذهبية إن بالنسبة لها أو بالنسبة لباقي المكونات في هذا البلد الذي لا يمكن إلا أن يكون عربياًّ ورمزاً للعروبة.

كان أردوغان قد فتح الأبواب للاجئين السوريين على مصاريعها للعديد من الحسابات السياسية، لكن ما لبثت الحقائق أن اتضحت وأن هذا التغيير “الديموغرافي” الذي كان قد بدأه منذ فترة سابقة والذي أعلن قبل أيام قليلة أنه سيستكمله، ثمنه أن يوافق بشار الأسد على التنازل له بامتدادات مجزية في منطقة إدلب وربما في غيرها وذلك طالما أنه قد حقق له هدف “سوريا المفيدة”!

وهكذا فإن ما يوجع القلب في هذا المجال فعلاً هو أن سوريا التي تعتبر قلب الوطن العربي النابض وهي كذلك، آخذة بالتمزق والانشطار وأن بشار الأسد الذي من المفترض أنه يحمل أمانة وحدتها لم يعد مشغولاً إلاّ بالبقاء في هذا الـ “كيلومتر المربع” الذي بات يتحرك فيه ولم يعد مهتماً إلا بتحقيق هدف “سوريا المفيدة”، أي سوريا الطائفية، وحيث إن أتباع هذه الطائفة باتوا يشكلون الأكثرية الفاعلة في دمشق الفيحاء، وهنا ومرة ثانية الطائفة العلوية الكريمة بغالبيتها ترفض “التمذهب” وبمعظم أتباعها قومية وعروبية وروادها الأوائل ومن بينهم المعلم الكبير زكي الأرسوزي وصالح العلي وغيرهما، رفضوا إغراءات المستعمرين الفرنسيين بإقامة دويلة طائفية في جبال العلويين وعلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط بين اللاذقية وطرطوس مروراً بـ “جبلة” بلد الثائر العظيم عز الدين القسام الذي يمثل رمزاً قومياًّ شامخاً وهو ينتمي مذهبياً إلى الطائفة الشيعية التي لها كل التقدير والاحترام.

إن المقصود هنا هو أن رجب طيب أردوغان الذي بات يتصرف على أساس أنه “أمير المؤمنين” على اعتبار أنه أصبح المرشد العام للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بات يلعب هذه اللعبة الخطيرة، فهذا “التغيير الديموغرافي” الذي لجأ إليه يعني أنه مع هدف “سوريا المفيدة” التي كان قد تحدث عنها بشار الأسد ويعني أنه سيسعى إلى تمدد تركيا جغرافياً على أساس أنها وريثة الدولة العثمانية سيئة الصيت والسمعة. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .