العدد 4100
الأحد 05 يناير 2020
banner
إنهم “ينددون” بأولياء نعمتهم
الأحد 05 يناير 2020

هناك مثل عربي قديم يقول: “جدْ لأخيك عذراً” ويقيناً هذا المثل لا ينطبق على كبار المسؤولين العراقيين، الذين بعدما أجبروا على التنحي أصبحوا يزاولون “تصريف أعمال”، والذين تحاشياً لغضب إيران عليهم بادروا إلى استنكار العمليات العسكرية الموجعة التي نفذها الأميركيون ضد حزب الله “النسخة العراقية” إذْ إن هناك نسخاً متعددة من هذا الحزب أولها وأقدمها النسخة اللبنانية لصاحبها الشيخ حسن نصر الله، مع أنهم يعرفون أن هذا الحزب “أي النسخة العراقية” قام بهجمات دامية ضد القوات الأميركية في بلاد الرافدين وضد بعض مواطني الولايات المتحدة التي لها ألف فضل وفضل على كل هؤلاء الذين يجلسون على كراسي الحكم في بغداد حتى وإن لفترة عابرة ومؤقتة.

لقد كان متوقعاً بعد عمليات الأميركيين ضد حزب الله، “النسخة العراقية”، أن يبادر أهل الحكم في بغداد إن “دائمين” وإن “مؤقتين” إلى التباري في استنكار هذه الهجمات وإدانتها والتنديد بها وفي مقدمة هؤلاء رئيس الدولة برهم صالح الذي كان عائداً للتو من هروب مؤقت إلى إقليم كردستان، الذي يرأسه البارزاني، فهؤلاء إن هم لم يفعلوا هذا فإن حسابهم سيكون شديداً وسيتهمون من قبل قادة الميليشيات الإيرانية وقادتها المعينين من طهران (الخامنئية)، بالعمالة لـ “السي آي أيه” الأميركية والرئيس دونالد ترامب وأيضاً لـ “العدو الصهيوني”، وقد تثقب أجسادهم بالرصاص أو يعلقون على أعواد المشانق بتهمة العمالة.

الكل يعرف أن حزب الله هذا سواءً كان “النسخة العراقية” أم “النسخة اللبنانية”، أم النسخ المتعددة الأخرى، هو ذراع مخابراتي إيراني وهذا ما قاله حسن نصر الله بالنسبة لـ “نسخة ضاحية بيروت الجنوبية” بعظمة لسانه وبالطبع فإن هناك نسخاً أخرى بأسماء أخرى من بينها “الحشد الشعبي”، وجميعها مرجعيتها “حراس الثورة الإيرانية”، وهي عندما تنفذ أية عملية ضد أيٍّ من مناهضي إيران فإنها تنفذها بأوامر من طهران وبدون علم ومعرفة هؤلاء الذين يتربعون على كراسي الحكم في العاصمة بغداد.

كان على الذين بادروا بعد الضربة الأميركية الأخيرة لحزب الله “النسخة العراقية” التي هي نسخة إيرانية في كل الأحوال إلى التنديد بهذه الضربة أن يتذكروا أن الولايات المتحدة هي التي أزاحت صدام حسين من أمامهم، وأنها للأسف هي التي فتحت حدود العراق أمام الزحف الإيراني الذي بقي متواصلاً منذ ذلك الحين أي عام 2003 وحتى الآن، وأنها أي “أميركا” عندما قامت بضرباتها الأخيرة فإنها كانت تدافع عن ضباطها وجنودها الذين لولاهم لكان هؤلاء الذين يجلسون على كراسي الحكم في بغداد مازالوا لاجئين سياسيين من الدرجة الألف في دولة الولي الفقيه التي تعادي العرب أكثر ألف مرة من عداوتها لـ “العدو الصهيوني”.

وهكذا فمن المفترض أن يكون إنحياز الذين يجلسون على كراسي الحكم في بغداد، وإن على نحو شكلي، لأولياء نعمتهم الذين هم من أزاحوا صدام حسين من أمامهم وشكرهم إذ إنه “بالشكر تدوم النعم”، والمؤكد أن الوجود الإيراني في بلاد الرافدين وجود احتلالي، وإذا غادر الأميركيون العراق فمن المؤكد أن الدور سيأتي مباشرة على الذين يحملون كل هذه الألقاب اللامعة الطنانة والرنانة... وإن غداً لناظره قريب. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية