العدد 4194
الأربعاء 08 أبريل 2020
banner
رائد البصري
رائد البصري
عصر الرأسمالية المراقبة
الأربعاء 08 أبريل 2020

“الرأسمالية المراقبة” عنوان كتاب للمؤلفة الأكاديمية والباحثة الأميركية، شوشان زوبوف، يتكون من 4 فصول، إذ تبدأ شوشان الحديث بمقدمة بأن: البشرية تواجه تحديات كبيرة في المستقبل الرقمي بشكل غير مسبوق، خاصة من قبل ما يسمى “الرأسمالية المراقبة” وسعي الشركات القوية للتنبوء بسلوكنا، والتحكم فيه واستغلاله وفق مصالح الشركات التكنولوجية”.

- الفصل الأول يتناول (المستقبل الرقمي): تعتبر الرأسمالية المراقبة، من جانب واحد، التجربة البشرية كمادة خام مجانية يمكن ترجمتها إلى بيانات سلوكية يتم تطبيقها على تحسين المنتج أو الخدمة وخاصة بعد أن يتم إدخالها في عمليات التصنيع المعروفة باسم الماكينة ويتم تصنيعها في منتجات تنبؤية بسلوكنا الحالي والمستقبلي عن طريق استكشاف المستخدم واتجاهاته وأماكنه الديموغرافية الخاصة به.

- الفصل الثاني يتناول (تشكيل السلوك الفردي): كيف أصبح الاتصال الرقمي وسيلة للأغراض التجارية للآخرين ضاربة مثلا أن “جوجل” اخترعت “رأسمالية المراقبة” وجعلتها مثالية بنفس الطريقة التي ابتكرت فيها جنرال موتورز قبل قرن من الزمان “الرأسمالية الإدارية” في البحوث والتطوير وتلتهما أمازون وبعدها شركة الفسيبوك ثم المكروسوفت.

وتركز الكاتبة على كيفية استفادة شركة جوجل من تحويل الثروة الضخمة من بيانات مستخدمي الشبكة العنكبوتية للهواتف النقالة المقدرة بـ 300 ميلون شخص وخاصة بعد إدماج البيانات المعلوماتية مع جهاز الأمن القومي الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر ومشاركته الفعالة في التجارب السوقية عن المستهلكين.

- الفصل الثالث (قوة رأسماليي المراقبة): من خلال معرفة كل شيء عنا في حين أن عملياتهم مصممة لتكون مدركة لنا وتتراكم مجالات واسعة من المعرفة الجديدة منا ولكن ليس بالنسبة إلينا، انهم يتوقعون مستقبلنا من أجل تحقيق مكاسب الآخرين وليس مكاسبنا عندما يحتفل الفيسبوك بعيد ميلادنا سنوياً ضاربة كل خصوصياتنا عرض الحائط.

- الفصل الرابع (معاينة الحقيقة): تشير الكاتبة أن رأسمالية المراقبة هي قوة مارقة تحركها ضرورات اقتصادية تتجاهل المعايير الاجتماعية وتلغي الحقوق المرتبطة باستقلال الفرد، وتضيف الكاتبة مثلما ازدهرت الحضارة الصناعية على حساب الطبيعة الخضراء كذلك تزدهر الرأسمالية الرقابية على حساب الطبيعة البشرية وستهددنا بفقد إنسانيتنا وجعلنا وعاء معلوماتي لمصلحتها خاصة وبعدها سنصبح نادمين. والسؤال المطروح هل فعلا قمنا بالتبرع بخصوصيتنا طوعا أم لا؟.

يرى كثيرون في الضفة المقابلة، أمورا مفادها إن كان الحل هو مقاطعة مواقع التواصل الاجتماعي تماما وبمعنى واضح هل من الأفضل تجاهل العروض المتكررة على الهواتف الذكية للاشتراكات والروابط بين تطبيق وآخر، أو حتى هل البديل هو عدم التورط في استخدام هواتف ذكية والاكتفاء بالهواتف البدائية التي تقتصر على الاتصالات الهاتفية فقط؟. في الغالب ستكون الإجابة بـ ”لا”، على الرغم من أن هناك أشخاصاً نادرين حولنا اختاروا ذلك.

كما يرفض الكثير من الخبراء فكرة المقاطعة كردّ فعل وقائي لاعتبارين. الأول ذلك مستحيل، لأن كل شخص تقريبا مرصود ومستباح وخاضع للعيون والرقابة بمجرد دخوله على شبكة الإنترنت، ومن المستحيل مقاطعة الشبكة العنكبوتية تماما. أما الاعتبار الثاني، فهو أن هناك فوائد ومكاسب عديدة لاستخدام صفحات التواصل الاجتماعي ”الحديثة”، إن الخصوصية تنتهي بمجرد الاتصال بالإنترنت، كذلك فإن محرك البحث الشهير جوجل بجانب التطبيقات والمواقع المختلفة تعلم عنك أكثر مما تعلمه أنت عن نفسك، لأن هذه المواقع تعي جيداً تفضيلاتك واهتماماتك وردود فعلك، بل أنواع البضائع التي تفضل شراءها أو الأماكن السياحية التي تحلم في المستقبل بزيارتها. وجميع البيانات الرقمية تخضع لمستويات مختلفة من التحليل للاستفادة منها. من هنا يصح القول بأن البيانات سلعة ثمينة للغاية يتبرّع بها المستخدم لهذه المواقع بغرض تحديد اتجاهاته ورغباته الحالية والمستقبلية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية