العدد 4201
الأربعاء 15 أبريل 2020
banner
رائد البصري
رائد البصري
الأثر الاقتصادي لفنون التأثير والإقناع
الأربعاء 15 أبريل 2020

إن الأفكار هي عملة القرن الحادي والعشرين، وفي عصر اقتصاد المعرفة الذي نعيشه الآن حيث إن الأفكار أهم بكثير من أي وقت مضى، ربما تصبح القدرة على الإقناع وتغيير القلوب والعقول هي المهارة الأعظم التي ستمنحك الميزة التنافسية.

ويعتقد بعض الاقتصاديين أن الإقناع هو مسؤول عن ربع مداخيل البلدان المتقدمة وكذلك النامية، حيث أصبح الناجحون في كل مهنة تقريبا هم الأشخاص الأكثر قدرة على إقناع الآخرين. وسندرك دور الإقناع في حياتنا من الأمثلة التالية: يقنع رواد الأعمال المستثمرين بدعم شركاتهم، يقنع المرشحون للوظائف مسؤولي التوظيف بتعينهم، يقنع مندوبو المبيعات الزبائن باختيار منتجاتهم وتفضيلها عن منتجات منافسيهم، يقنع الرؤساء التنفيذيون المحللين بكتابة تقارير إيجابية عن أعمالهم، يقنع اللاعبون المدربين باختيارهم ضمن التشكيل الأساس لفرقهم، يقنع السياسيون الناس بالتصويت لهم، ويقنع المختصون وأصحاب الفكر والمشاهير عموم الناس بالمكوث في منازلهم لتجنب الإصابة بفيروس كورونا.

وعلى صعيد الإقناع ومن تجربة شخصية، عندما التقيت أحد أصدقاء القراءة في معرض للكتاب، (وهو علي عبدالله ويمتلك قناة على موقع “يوتيوب”)، إذ يستعرض هذا الصديق ملخصات كتب وروايات لكتاب محللين وعالميين، حيث قمنا سويا بعملية إقناع عدد من المؤلفين بأعداد متابعي قناة زميلي في ازدياد مطرد، حيث استطعنا الحصول على مجموعة وفيرة من مؤلفاتهم وإهداءاتهم في مقابل وعود بعرضها في قنوات التواصل لغرض الترويج لها.

وعلى صعيد آخر، تتضح كيفية تعامل الشركات والمؤسسات التجارية مع فن مهارة الإقناع وتعزيزها لدى موظفيها، حيث يبرز “نجم الإقناع “ في مفاصل عدة من أهمها: موظفو نقاط البيع أو خدمة المشتركين أو استقبال الزبائن، بحيث يتم تفعيل المؤثرات الشخصية في كسب الزبائن وإقناعهم بجدوى اقتناء السلعة والخدمة، ونتيجة لسحر الإقناع تظهر جميع المؤشرات إلى زيادة بحجم المبيعات، ما ينعكس على معدل الربحية لديها. والأقسام أو الفروع التي تفتقد إلى مهارة التأثير أو صفة الإقناع تعاني من حالة الركود والانكماش لا وبل شبح الإغلاق.

باختصار، إن الإقناع لم يعد مجرد مهارة شخصية فحسب، بل هو أسلوب يعتمد على سيمات ومواصفات عدة من أهمها (فن الخطابة واللباقة وإتقان لغة الجسد والانصات للآخرين والابتسامة وكل تلك السمات السابقة سيدها الأصيل الأخلاق والطيبة)، تتخللها عوامل داعمة كتحويل البيانات الأولية إلى معارف وتجربتها ومن ثمة التدرب عليها، ونتيجتها ظهور “مهارة الإقناع” المطلوبة التي تساعدك على التأثير على الفئات ذات السلوكيات المختلفة، من ضم عملاء جدد وجذب مستثمرين وبيع منتجات وتأسيس علامات تجارية، وإلهام فرق وتحفيز حركات، والخبر السار هنا بالنسبة لأطراف الحوار هو أن الإقناع مهارة يمكن تعلمها وكسبها من وجهة نظر الساسة والاقتصاديون على حد سواء، وعندما (ينتصر الإقناعيون) يصمت المتهاترون ويعم جو من الهدوء والرضا ساحات المناظرات العامرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية