العدد 4259
الجمعة 12 يونيو 2020
banner
الخوف من المجهول
الجمعة 12 يونيو 2020

أصبح البشر يعيشون مشاعر وانفعالات بديهية لا تقبل التساؤل ولا تسمح بالاستنكار، وكأنما تلك المشاعر المتطرفة سواء بخوف أو حزن أو فرح هي جزء من طبيعتهم الفطرية! والحقيقة أن البشر اعتادوا على تلك المشاعر فأصبحوا يعيشونها بشكل طبيعي، ذلك أن تلك المشاعر مفعّلة بمسارات عصبية دماغية ضمن برمجة عقلية، كأن تكون هناك فكرة مختزنة تثير مشاعر مختزنة، نقول مختزنة، أي خبرة سابقة مبرمجة سابقا من المحيط، أو بفعل الإنسان ذاته من منطلق تجاربه وإسقاطاته على نفسه من تلك التجارب. تكون برمجة العقل بشكل أوّلي في فترة التكوّن الجنيني حيث يختزن الجنين المشاعر التي تصله من الأم التي بدورها تستجيب لأفكارها أو ما يحيط بها بتلك المشاعر، وبعد ولادة ذلك الجنين، يتابع المحيط برمجته التي تنطبع بشكل واضح وأساسي في السنين الأولى من عمره، لتستمر لسنين ممتدّة من المدرسة والثقافة والمجتمع.

والحقيقة أن العصر المقبل لا يقبل ذلك المستوى اللاواعي من العيش تحت وطأة البرمجة المحبطة المسلّم بها، لأن الجزء الأكبر من تلك البرمجة هو سجن للعقل وهو مرض وعجز يدمر الإنسان والإنسانية، وكذلك فإنّ البشري في ذلك المستوى يكون مشتّتا وبعيدا عن دوره ومسؤوليته المترتبة في تطوّر الإنسانية، وكذلك مدمّرا لنفسه وجسده عن طريق الإفراز المزمن لهرمون التوتّر “إبينفرين” المنشئ للمرض. نحن الآن في زمن الكورونا عاكفون في الحجر المنزلي، الكثير منّا يرى أنها مسألة وقت حيث يبدأ بعدها بالخروج من الحجر للمرح والتجوّل والسفر! وكذلك فإنّ الكثير منا عنده الخوف والقلق بما سيحدث له ولأسرته وللعالم بعد ذلك الحجر غير المسبوق بكيفيته وحيثياته.

وللخروج من تلك المعضلة، يحتاج الإنسان لأن يكون فكره متيقّظا، أن يكون حكيما مفعلا لعبقريته، أن يكون واعيا، أن يكون إنسانا مكرما كما أوجده الله جلّ وعلا، لا أن يكون فرحا مرحا، ولا أن يكون خائفا متوجسا من المستقبل، الذي هو في حقيقة الأمر لحظة آنية عليه اغتنامها وصناعة الفرق الآن بالقيمة العليا الذاتية، دعوة إلى التأمل في الذات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية