العدد 4274
السبت 27 يونيو 2020
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
سارقوا التاريخ... سرقة الخلافة
السبت 27 يونيو 2020

السرقات كثيرة يسلبها السارقون من أصحابها للتمتع بها أو نسبها لأنفسهم مثلما فعل العثمانيون، فتارة يقولون إنهم تتار، وتارة أخرى يقولون إنهم مغول، وآخرون يؤكدون أنهم قوقاز، وفريق رابع يستخلص بأنهم خليط من عرقيات مختلفة لا تربطهم عرقية الدم والمنبع، وهكذا، فإن جل المؤرخين وعلماء الاجتماع وباحثي العرقيات اختلفوا في أصل وفصل ومنبع العثمانيين، أما من يقول إنهم سلاجقة فأيضا السؤال سيعود وهو: إذا كان السلاجقة هم أجداد العثمانيين، فما أصل السلاجقة ومنبعهم؟ والرد سيكون كما أسلفنا وهو اختلاف المؤرخين ما بين تتار ومغول وقوقاز وخليط عرقي.

لهذا، فإن هذه القبائل المشكوك في أصلها ومنبعها انتسبت إلى شخص اسمه عثمان بن أرطغرل، وهو أيضا حفيد لقبائل لا يعرف أصلها كما أسلفنا، وقاموا بتأسيس عرق خليط من بقايا وشتات رومان وبلغار وأرمن ومشردين يونانيين وغجر رومان وكونوا شعبا أسموه “العثمانيين”، وقاموا بتأريخ تاريخهم من 500 عام فقط، ويتحاشون الغوص في تتبع أصلهم قبل هذا التاريخ.

ولم يكتف هؤلاء العثمانيون بسرقة الأعراق، بل سرقوا الخلافة الإسلامية أي خلافة الرسول الكريم ونسبوها لأنفسهم، حتى يضفوا على عرقهم غير المعروف طابع الشرعية، سواء شرعية عرقية أو شرعية إسلامية. ومصطلح الخلافة الإسلامية - وأسسه - ينبني على نقطتين هما أن خلافة دولة الرسول لا تجوز إلا بالعرب وتحديدا في قريش، فبعد اجتماع الأوس والخزرج والأنصار لاختيار خليفة للرسول منهم، تراجعوا عن ذلك لأنهم ليسوا من قريش، وتم اختيار الخلفاء الخمسة وكلهم من قريش. والنقطة الثانية هي أنه حتى الدولة الأموية والعباسية وكلتاهما من قريش لا يطلق عليها لقب خلافة، لأن الخلافة انتهت منذ أن تنازل الحسن بن علي عليه وعلى جده وآل بيته أفضل الصلاة والسلام لمعاوية.

لهذا، فإن العثمانيين الذين لا يؤكد أحد أصلهم ومنبعهم لم يكتفوا بسرقة الأعراق، بل سرقوا خلافة دولة الرسول ونصبوا أنفسهم خلفاء لها، في سرقة واضحة تماما كالبلطجي الذي لا يعرف له أصل وفصل، ويوهم الناس بتدينه، حتى يركزوا على تدينه وينسوا بلطجيته، وللسرقات بقية سنكشفها لاحقا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية