+A
A-

بعد الكوارث والحوادث..إيران تحت الضغط وغضب ظريف يكشف الكثير

أضحى النظام الإيراني في حالة لا يحسد عليها، في أعقاب توالي الانفجارات والحوادث الغامضة، علاوة على الأزمة الاقتصادية الطاحنة وتفشي فيروس كورونا.

وانتهجت إيران استراتيجية من شقين لمواجهة الضغوط الدولية الممارسة عليها بسبب سياستها النووية، وتركز الاستراتيجية على تصعيد المواجهة الدبلوماسية والمضي قدما في البرنامج النووي.

وانتشر على نطاق واسع، مقطع فيديو يظهر فيه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد، متحدثا عن السياسة الخارجية في هذا المجال، أمام نواب البرلمان، الذين قابلوا كلامه بالاستهجان والصراخ.

وجاءت هذه الهجمات البرلمانية على ظريف ومن ورائه الرئيس، على الأرجح نتيجة تدهور الأوضاع في إيران، على المستويات كافة، بحسب تحليل لصحيفة "جيروزلم بوست" الإسرائيلية.

ظريف يدافع عن حاله

وحاول ظريف الدفاع عن نفسه إزاء هجمات المشرعين، مشددا على أنه كان ينسق كل الخطوات الدبلوماسية مع مرشد النظام الإيراني، علي خامنئي، وقائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني الذين اغتالته واشنطن في العراق مطلع العام الجاري.

وقال ظريف إنه كان يعقد اجتماعات بصورة أسبوعية مع سليماني، مشيرا إلى أنهما كانا ينسقان في هذه الاجتماعات كل ما يتعلق بسياسة إيران في المنطقة.

وتحدث ظريف في الفيديو عن "أن قادة الميليشيات والحركات السياسية المرتبطة بإيران في المنطقة يعلمون كيف تسير العلاقة مع إيران ولستم أنتم (يقصد البرلمانيين)".

وكان رد البرلمانيين على كلام ظريف أن وصفوه بـ"الكاذب".

وقال أحد البرلمانيين إن ظريف لم يهتم بملاحظات المرشد بشأن السياسة الخارجية، مما أدى إلى الفشل في تحقيق أي نتيجة، ليرد عليه ظريف أن السياسة الخارجية من صلاحية المرشد وكان ينسق معه بشأنها. 

وتابع وزير الخارجية الإيراني: "كلنا في نفس القارب. إن الولايات المتحدة لا تعترف بالإصلاحيين والمحافظين والثوريين وغير الثوريين".

تعليق أميركي

وعلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، على فيديو ظريف، قائلة: "إلى أولئك الذين يصرون على وصف ظريف بصديقنا، اقترح عليكم الاستماع لكلماته هذه".

وأضافت أن "وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أخبر العالم أن ظريف وسليمان ينسقان أعمالهما بالكامل، خاصة عندما يتعلق الأمر بقتل الأميركيين. اسألوا ظريف فقط، فإنه فخور بذلك."

محاولة عزل الرئيس

وفي اليوم التالي، أي الاثنين، نقلت وكالة "رويترز" أن المشرعين الغاضبين أنفسهم كانوا يعتزمون استدعاء الرئيس حسن روحاني من أجل استجوابه بشأن الملف النووي.

وتلك هي الخطوة الأولى نحو عزله، مع أن في وسع المرشد إجهاض الأمر من أساسه.

وجاءت الأزمة السياسية الجديدة في إيران، بعد تفاقم نظيرتها الاقتصادية، نتيجة إعادة فرض العقوبات الأميركية عليها عام 2018، إثر انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي وصفه بـ"الكارثي".

انهيار الريال الإيراني

ومما زاد الطين بلة تفشي كورونا الذي زاد من تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، حيث انهار سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأميركي، لتفقد العملة المحلية أكثر من 70 في المئة من قيمتها.

وانخفض الريال من سعر 32 ألفا مقابل الدولار الواحد إبان الاتفاق النووي بين طهران عام 2015 والقوى العالمية، ليصبح الآن 215 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الواحد.

وساهم تراجع أسعار النفط وانحسار النشاط الاقتصادي العالمي في اتساع نطاق الأزمة الاقتصادية داخل البلاد، التي سجلت أيضا أكبر عدد للوفيات بفيروس كورونا في الشرق الأوسط.

إيران تحت الضغط

وفي سياق ذي صلة، رفعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من نبرة انتقاداتها حيال إيران، في الأسابيع الأخيرة، متحدثة عن انتهاكات إيرانية للاتفاق النووي.

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إنه من الوارد عرض هذه الانتهاكات على مجلس الأمن الدولي، مما يعني مزيدا من الضغوط الدولية التي تضاف إلى حملة الضغط الأقسى التي تمارسها الولايات المتحدة ضد طهران.

وسيناقش مجلس الأمن الدولي ما إذا كان سيجدد حظر الأسلحة المفروض على طهران، خلال الأشهر المقبلة، وهو خيار يبدو مرجحا، في ظل الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في هذا الإطار.

الانفجارات الغامضة

وفوق هذا كله، بدأت إيران تعاني من الانفجارات الغامضة التي استهدفت محطات كهرباء ومنشآت عسكرية بعضها نووي.

وأسفر انفجار وقع الثلاثاء قبيل الفجر في مصنع أوكسجين بجنوب طهران عن مقتل شخصين، بحسب وكالة إرنا الرسمية، التي عزت "الحادث" إلى خطأ بشري.

وهذا الانفجار هو الرابع على الأقل الذي يسجل في منشآت صناعية في إيران منذ 25 يونيو، حين انفجر خزان غاز صناعي في بارشين، قرب مجمع عسكري في طهران بدون وقوع ضحايا.

لكن الحادث الأخطر وقع في 2 يوليو، في مجمّع نظنز النووي (وسط)، حيث أقرت طهران بوقوع حادث في المنشأة دون أن تكشف طبيعته أو سببه.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الحادث ناجم عن قنبلة إسرائيلية، أعادت المشروع النووي الإيراني إلى الوراء.

لكن تل أبيب التزمت الصمت، واكتفى وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بالقول إن كل حادث في إيران ليس من الضرورة أن إسرائيل خلفه.

ونقلت صحيفة "جيروزلم بوست" الإسرائيلية عن باحث في مركز بيغن- السادات للدراسات، يدعى ياكوف لاببين قوله، إن الوضع الاقتصادي المتردي في إيران يعني أن شعبية النظام في أدنى مرحلة منذ 1979.

وقال إن الإيرانيين الذين سئموا من النظام المتشدد سئموا أيضا من الإصلاحيين فيه، مثل روحاني، الذي وعد مواطنيه بالرخاء، عند توقيع الاتفاق الإيراني، ثم وجدوا سرابا.

وقال الباحث في مركز دراسات الأمن القومي بتل أبيب، ارز زيمت، إن النظام الإيراني يأمل في حلول رئيس جديد في الولايات المتحدة مكان دونالد ترامب، من أجل إعادة التفاوض على الاتفاق النووي.

لكن النظام الإيراني، بات مطالبا، تحت الضغوط الداخلية بفعل شيء ما بعدما توالت الضربات ضده وطالت المنشآت النووية.

وأعرب الباحث عن اعتقاده أن طهران غير راغبة في دخول مواجهة عسكرية مع أميركا أو إسرائيل، مشيرا إلى أن النظام الإيراني استعاض عن المواجهة العسكرية بمواجهة دبلوماسية متزايدة وإعادة الحديث عن تطورات في الملف النووي.