العدد 4324
الأحد 16 أغسطس 2020
banner
أعيدوا النظر في الفتاوى
الأحد 16 أغسطس 2020

في بعض الأحيان تصدر عن بعض رجال الدين فتاوى تؤدي إلى الالتباس وعدم الفهم، وتجعل السؤال الذي أجابت عنه الفتوى يلد أسئلة أخرى كثيرة، منها ما أفتى به أحد رجال الدين من أن المال الذي يأخذه العامل من دون جهد أو عمل مال حرام؛ لأنه أخذه باعتباره عملا وهو لم يعمل في الحقيقة، واستند إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدم عبد مسلم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع من بينها (حتى يسأل عن ماله مما اكتسبه وفيم أنفقه).

وأفتى رجل الدين بضرورة أن يمتنع السائل عن الحصول على الأجر الإضافي مادام لا يعمل، والحقيقة أن هذه الفتوى – مع تقديم كل الاحترام لصاحبها - تحتاج إلى جملة اعتراضية توضع خلالها. هذه الجملة نسمعها كثيراً عند الحكم على الأمور بشكل علمي، وهي جملة “مع تثبيت كل الظروف”، هذه الظروف المطلوب تثبيتها هنا أولها أن يكون الراتب الذي يحصل عليه الموظف يكفيه لكي يأكل ويرعى أولاده ويعلمهم ويعالجهم، وليس مجرد إعانة بطالة تساعده لكي يبقى على قيد الحياة فقط، والفرق كبير بين أن يعيش الإنسان الحياة، وأن يكون موجوداً في الحياة.


أما الظرف الآخر الذي يجب تثبيته هنا – وهو ظرف مضحك - وأقصد به الوقت الذي يقضيه الموظف أصلاً في العمل المقرر يومياً، دون الوقت الإضافي الذي جاءت بشأنه الفتوى، فإذا كان صافي الوقت الذي يقضيه الموظف الحكومي من العمل الحقيقي وليس الجلوس في المكتب لا يزيد عن 15 دقيقة، فهل يصبح الراتب الأساس حراما أيضاً، أم أن الحرمة هنا تنصب على الوقت الإضافي فقط؟!


أما الظرف الثالث الذي يجب تثبيته – وهو يدعو إلى المرارة - هو أن يكون هناك عمل أصلاً مطلوب من الموظف القيام به، فبعض الموظفين لا يطلب منه شيء فيقوم بإعمال عقله في حل الكلمات المتقاطعة حتى ينتهي وقت العمل! ومن دون أخذ هذه “الظروف الثلاثة” على الأقل في الاعتبار عند تطبيق هذه الفتوى، ستبقى مع كل الاحترام لصاحبها فتوى صحيحة على المستوى النظري وعلى قدر المعنى الذي نقله سؤال السائل إلى المفتي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .