أضحت ظروف الحياة الراهنة عند معظم الأسر العربية، تُحتّم وجود الخادمة في البيت بعد تزايد أعباء الأعمال المنزلية وضغوطات الحياة المعيشية، خصوصاً مع انشغال رُكني الأسرة – الزوج والزوجة – خارج البيت من أجل توفير لقمة العيش وتلبية احتياجات الأسرة الملّحة، التي بدت الحاجة إليهم ماسّة أكثر من أيّ وقت مضى، حتى تبوّأت الغالبية منهم منصب “المدبّرة” لكل أعمال البيت ومسؤوليات الأسرة وتربية الأولاد، بعد أنْ قدرتْ إحصاءات شبه رسمية أعدادهم في العالم العربي بأكثر من (3) ملايين من جنسيات مختلفة!

وعلى الرغم من أهمية وجود الخادمة في تدبير شؤون الأسرة والمنزل، إلا أنّه في الآونة الأخيرة برزت إلى السطح الكثير من القضايا التي باتت مؤرقة للعديد من الأسر، ولاسيّما مشاكل هروبهن من كفلائهن وانتشار الغريب من القصص حول ما يقمن به من تصرفات في ظل غياب الوالدين؛ لتُلقي بظلالها سلباً على كل مناحي الحياة الاجتماعية والمادية بعدما سبّبته من قلقٍ في ظل تزايدها المستمر الذي قد يرجع (بعضها) إلى طبيعة المعاملة من قِبل مخدوميهن الذين يمنحونهن الحرية المطلقة في استخدام الهاتف والخروج للبقالات وما شابه، أو لسوء المعاملة والإيذاء الجسدي والإهانات وغيرها، فيما يقع (أكثرها) في الآونة الأخيرة تحت تأثير العصابات المتخصصة التي تقوم بتحريض الخادمات على الهروب من منازل مخدوميهن. وهو ذات السياق الذي تحدّث عنه بعض القراء عن معاناتهم المتكررة مع (مافيا الخدم!) على حدّ توصيفهم، بعدما رأوا رأي العين محاولات إغراء هذه العصابات من ذات جنسية الخادمات للهروب والعمل في الفنادق أو النوادي الليلية بأجور أعلى، وضلوع (بعض) العاملين بمكاتب استقدام الخدم في تسهيل هروبهن وفق حديثهم!

نافلة: يبدو أنّ احتواء ظاهرة هروب الخدم ومنع تفاقمها مستقبلاً، يستدعي إيجاد قوانين “جزائية” صارمة تُلزم الطرفين - الكفيل والخادمة - التمسك بها دون الاقتصار على تسجيل قضية “هروب”؛ للحدّ من انتشارها وتجنّب إقحام أطراف أخرى كـ “مافيا الخدم” بعد أنْ اتسعت رقعتها في الآونة الأخيرة، عِبْرَ إلقاء الضوء على هذه الظاهرة ومخاطر التستر عليهن وتشغيلهن، مع إبراز مسبباتها الرئيسية في صورة حملات توعوية بمختلف وسائل الإعلام وإظهار حجم المشكلة ومخاطرها المجتمعية بالتعاون مع جهات الاختصاص كوزارة الداخلية وهيئة تنظيم سوق العمل ومكاتب الاستقدام.