العدد 4331
الأحد 23 أغسطس 2020
banner
الصمت أفضل
الأحد 23 أغسطس 2020

لدى فئة من النواب ولع غريب بالظهور الإعلامي أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغالبا ما أتساءل بيني وبين نفسي إذا كان هناك هدف ما يتخفى خلف هذه الظاهرة، بالطبع لسنا ضد نشر مقاطع الفيديو أو الرسائل إذا كان هدفها صالح المواطن والارتقاء بوضعه المعيشي، لكننا نعترض عليها إذا كان القصد تلميع صورة النائب بعد أن فقد ثقة المواطن به، من يقف أمام بعض تلك المقاطع أو الرسائل يلحظ دون عناء أنها تجسد منتهى الاستخفاف بعقل المواطن البسيط.

النموذج أمامنا ما خرج به أحد النواب بدعوته المواطنين للتبرع لمساعدة المحتاجين والمرضى وغيرهم بدلا من إنفاق أموالهم على مشروعات أخرى يمكن تأجيلها كالسفر، مثل هذه الدعوة قد يمكن تقبلها من عضو بجمعية خيرية، لكنها لا تليق إطلاقا من عضو مجلس نيابيّ لسبب بسيط هو أن مهمة النائب التي انتخب من أجلها تتناقض تماما مع ما يطالب به، طبعا ليست الدعوة المشار إليها إلا نموذجا من عشرات المطالبات الأخرى التي لا تمت بأدنى صلة لمهمة النائب.

نتذكر جيدا أنّ أحد النواب كان قد نشر عددا من مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثارت سخرية الرأي العام، وفي ذات الوقت قللت من جدية ما يطرحه بالمجلس، ما اضطر هيئة مكتب المجلس النيابيّ لاستدعائه ولفت نظره، والأدهي أنّ عددا من زملائه النواب أنفسهم وجدوا فيها إساءة بالغة للمجلس النيابي والتجربة البرلمانية برمتها، غير أنّ الذي يدعو إلى الاستغراب أنّ النائب لم يتوقف عن نشر المقاطع الصوتية، ما دفع المكتب إلى توجيه إنذار وتهديده بإجراءات تأديبية.

إنّ السؤال الذي يتكرر في كل دورة برلمانية هو التالي: لماذا لا يفي النائب بوعوده؟ وعوضا عنها نجده يستهين بعقل المواطن، والطامة الكبرى لو أنّ أحدا صارح النائب بتخليه عن وعوده لجاء الرد بأنّ دوره كممثل للسلطة التشريعية هو في الأساس دور رقابيّ وتشريعي، متناسيا تماما ما حفل به برنامجه الانتخابيّ المتمثل في تحسين الوضع المعيشي للمواطن الممكن القيام به والذي لا يتعارض مع الدورين السالفين بل إنه مكمل لهما. ولا أدل على صحة ما أوردنا من أنّ تجارب برلمانية أكثر شبها بتجربتنا وأكثر عراقة لم يتنصل فيها النواب من هذا الدور ولم يتهربوا من واجباتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .