العدد 4331
الأحد 23 أغسطس 2020
banner
“تجربتي السريرية” للقاح كورونا!
الأحد 23 أغسطس 2020

دون سابق تخطيط وجدت نفسي أدخل إلى الموقع الإلكتروني المخصص من قبل وزارة الصحة لأتطوع في التجارب السريرية على لقاح كورونا (كوفيد 19)، بعد أن أبلغني زميلي في صحيفة “البلاد” حسن عدوان أنه تطوع بالفعل لأخذ اللقاح التجريبي، وشرح لي آلية التسجيل وتجربته الشخصية مع اللقاح!

لم أكن أعي أخطار اللقاح، ولكنني في ذات الوقت لم أكن لأكترث، فقد كنت طوال سنوات ماضية من عمري مدخنًا شرها أدخل إلى جسدي سموم الدخان، دون أن أجني فائدة منه سوى خسارة الصحة والمال في سبيل متعة وهمية، فما المانع من أن أخوض تجربة وأدخل في جسدي مصلًا أنتجه علماء ليكون مضادًا لفيروس كورونا الذي خيم على حياتنا وأفسدها؟

بهذه البساطة كنت أقلب الفكرة في رأسي، وبالفعل، سجلت عبر الموقع الإلكتروني، وانتظرت نحو 8 ساعات حتى تسلمت رسالة نصية تحدد موعد زيارتي لمركز المعارض والمؤتمرات، إذ يتم إجراء التجارب السريرية على اللقاح، ومن هنا بدأت رحلة تفكيري الجدية في الموقف الذي وضعت نفسي فيه، وهل كنت صائبا في اتخاذ القرار أم لا؟ّ!

كان الموعد في الساعة 11 صباحا، ذهبت متسلحا بالشجاعة، على ال من رغم أن الترقب والقلق يسيطر عليَّ، فقد قرأت عن التجارب السريرية للقاح، التي تهدف بالدرجة الأولى إلى معرفة مضاعفاته الجانبية قبل أن يتم اعتماده بصورة رسمية من الجهات الصحية، غير أنني كنت مطمئنا نوعًا ما أو هكذا كنت أقنع نفسي، فاللقاح وصل إلى المرحلة الثالثة، أي أنه تجاوز الاختبارات الأولية على الحيوانات، وبعدها البشر في البلد المصنع، وما كان ليصل إلى ما وصل إليه لو أنه يشكل خطرًا!

ذهبت إلى مركز المعارض والمؤتمرات في الموعد المحدد، وتوجهت إلى القاعة رقم 4، وقبل أن أسلم موظفة الاستقبال بطاقتي الشخصية، اختبر رجلًا يقف على البوابة حرارتي وطلب مني الانتظار، وبعد ربع ساعة، طلب مني الدخول إلى غرفة الفحص، وهناك، التقيت بالطبيبة التي شرحت لي مراحل تجربة اللقاح التي تمتد لمدة 45 يوما للفرد وتتطلب متابعة تصل إلى سنة كاملة.

شعرت وقتها بالارتياح؛ لأنني أساهم في تجربة يقوم بها البشر للقضاء على الوباء، وأسعدني الشعار الذي أطلق على التجارب السريرية وهو “لأجل الإنسانية”، إذ تتشارك مملكة البحرين ودولة الإمارات في تجارب لقاح تطوره شركة صينية مرموقة في مجال إنتاج الأدوية، وتستهدف التجارب 6 آلاف متطوع من البحرين و12 ألفا من الإمارات، بينما تسعى الشركة لأن تجرب اللقاح على 45 ألف شخص في منطقة الشرق الأوسط.

بعدما انتهت الطبيبة من شرح مراحل تجربة اللقاح، حولتني إلى غرفة أخرى لقياس درجة الحرارة، وضغط الدم، ودقات القلب، وبعدها أخذت مني مسحة أنف لفحص الإصابة بكورونا، قبل أن يتم تحويلي إلى مكان آخر لأخذ عينة من الدم، وبعدها حقني باللقاح التجريبي، وأخيرًا الانتظار لمدة نصف ساعة؛ من أجل معاينة الأعراض الجانبية في المركز.

وقبل خروجي من القاعة رقم 4 تسلمت كتيبا أقيّد فيه ملاحظاتي الشخصية على تطور حالتي الصحية إذا ما شعرت بأية أعراض جانبية، وأنا الآن في مرحلة المعاينة السريرية التي يشترط فيها عدم سفري لمدة 45 يوما، والإجابة على اتصالات الأطباء لمعاينة حالتي عن بعد أو عن طريق الحضور الشخصي حسبما هو مجدول في مراحل التجربة.

والآن عندما يسألني أحد عن هذه التجربة أستطيع القول له إنني أشعر بالفخر لمشاركتي في الجهود البشرية للقضاء على هذا الوباء أكثر من شعوري بأية أعراض جانبية لا زالت تقتصر حتى الآن على صداع بسيط وآلام في الكتف مكان إبرة المصل، ولست أعلم ما سيحدث في المستقبل لأني بعد 21 يوما سوف أذهب مرة أخرى إلى مركز المعارض والمؤتمرات لأخذ الجرعة الثانية، لكن الأكيد أنني متمسك بالتجربة حتى النهاية وأنصح من تنطبق عليه الشروط أن يبادر في التطوع دون خوف أو تردد خدمة للإنسانية ومساهمة في جهودها للقضاء على الوباء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .