+A
A-

التواصل مع الأطفال في زمن الكورونا

كاتي يمّين

يعيش العالم أجمع أزمة عصيبة ودقيقة بسبب فيروس كورونا «كوفيد-19»، الذي أدّى الى تقليص التواصل الاجتماعي وأصاب القطاعين الصحي والاقتصادي بأضرار جسيمة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ فحسب، بل إن الآثار السلبية لهذه الأزمة طالت  أيضاً العائلات التي تعاني بسبب الحجر والانغلاق الضروري في المنزل لتخطي المرحلة، بحيث أن هذا الوباء الذي ينتقل بشكل سريع وفتّاك في الهواء (من خلال رزاز السعال...) يؤدّي إلى استحواذ الأفكار السلبية على عقول الكثير من الناس، وخصوصاً الأسر التي لديها أطفال صغار، فيسود التوترعلى أفرادها ويصبح التواصل أمراً صعباً.

عن أسلوب تعامل الوالدين مع الأولاد ودور العائلة في تأمين أجواء منزلية هادئة وخالية من القلق، سألنا الدكتور أنطوان الشرتوني وهو دكتور محاضر في الجامعة اللبنانية، متخصص بالأمراض النفسية والتحليل النفسي، باحث في الاختبارات الإسقاطية وكاتب في ادب الأطفال، الذي أكّد لنا أن دور العائلة في هذا الخصوص هو توعية أفرادها، خصوصاً الصغار منهم، بطرق تخفف عوارض القلق لديهم المرتبطة بهذا الوباء، من دون الاستخفاف بأهمية الوقاية. إذ يمكن أن يعزز الكثير من سلوكيات الأهل أو يخفف من القلق عند الطفل. فمثلاً، عندما يزورنا طفل في العيادة للعلاج النفسي، يقوم الأخصائي النفسي بتقصّي القلق عند الأهل ومعرفة أسبابه. وفي غالبية الأحيان، يمكن أن يكون قلق الطفل نتيجة سلوكيات لاواعية من الأهل. لذا، هنا بعض التوصيات لتخفيف هوس غسل اليدين عند الأطفال بسبب قلق يشعرون به:

الدكتور أنطوان الشرتوني

  1. تخصيص بعض الوقت للطفل والتفسير له عن أهمية غسل اليدين. والمعلومات التي يمكن تقديمها للطفل يجب أن تتناسب مع عمره وإستيعابه. كما لا يمكن إخافته بصور أو مشاهد عن الكورونا أو عن المصابين به.
  2. الطلب من الطفل غسل اليدين، بشكل واعٍ وبسيط وليس بشكل هوسي ومتكرّر. ويجب أن يكون الأهل المثال لأطفالهم.
  3. عادة، إذا خاف الطفل من مرض ما، يمكن أن يعاني من فقدان الشهية. لذا على الأهل الحفاظ على إطار أوقات الطعام وعادات تناول الطعام الصحية، فلا يجب أن يجبر الأهل طفلهم على تناول وجبته. كما لا يجب أن يهلع الأهل لأنّ الطفل سيطلب تناول الطعام بنفسه عندما يشعر بالجوع.
  4. إذا لاحظ الأهل أنّ الطفل خائف جداً من معلومة غير صحيحة حصل عليها من أصدقائه في الحي أو في المدرسة، يمكن تصحيح المعلومات التي أخافته، بشكل مناسب لعمره.

كيف نحفّز الطفل على إتمام فروضه المدرسية؟

يواجه كثير من الأهالي مشكلة عدم رغبة الطفل في الدرس. فنراه يركل ويضرب ويشتم ويصرخ: «لا أريد أن أكمل درسي! لا أحب المدرسة! أكره الدرس!...» وغيرها من العبارات المعبّرة عن غضبه. كما يلجأ البعض الآخر من الأطفال إلى تكرار طلباتهم كي لا يستكملوا درسهم: «أريد أن أشرب الماء! أريد الدخول إلى المرحاض! إنني جائع أريد أن آكل تفاحة!...» إذاً، الطلبات والمعارضات كثيرة والمطلب واحد: الإستراحة من الدرس. لذا إذا رفض الطفل متابعة درسه يجب على الأهل إتباع الخطوات التالية:

- إذا لاحظ الأهل أنّ طفلهم لم يعد يريد الدرس معهم، يمكنهم منحه بعض الوقت للإستراحة أو شرب الماء أو عصرونية صغيرة مع قطعة شوكولا، كعربون شكر له على قيامه بالكثير من الجهد في الدراسة.
- الإبتعاد عن كل أشكال العنف: اللفظي والجسدي والمعنوي... فإذا إستخدم الأهل بعض العبارات النابية مع طفلهم، لن يساعدهم ذلك في عملية تلقينه الدروس. بل العكس صحيح، سيتأثر الطفل نفسياً ولن يعود قادراً على إستيعاب دروسه وإكمال ما له من مهام. أما بالنسبة للعدوانية الجسدية كالضرب، فطبعاً هذه ليست طريقة تربوية لتعليم الطفل. بل تشجيعه ودعمه هما الطريقة المثالية لمساعدته في درسه.
- المرح واللهو من أبسط وأحلى الاوقات التي تساعد الطفل في الإستراحة خصوصاً، عندما يقرّر عدم إكمال دروسه. فبعض الدعابات المضحكة وسماع موسيقى جميلة وربما الرقص والغناء، يمكن أن تساعد الطفل في أن يتشجع على الدراسة.
- لا يجب أن تكون ساعات الدرس في البيت مملة. فحتى لو كان هناك الكثير من الواجبات اليومية، والأهل قلقون على مستقبل طفلهم ويريدون إنهاء تحضير جميع الدروس بشكل كامل، لا يعني ذلك أن ينقلوا خوفهم وقلقهم إليه.

كيف نتعامل مع الطفل الذي يعاني متلازمة التوحد خلال هذه الفترة العصيبة؟

هذا الطفل له طريقته الخاصة في التواصل مع أهله أو أصدقائه من خلال سلوكه المتكرر، كتكرار كلمات أو جمل خلال اللعب، وعادةً يكرر الطفل المصاب بالتوحد أيضاً طريقة لعبه وربما بنوع واحد من اللعب، مثل اللعب فقط بإطارات السيارات، من دون أن يحاول التغيير إلى لعبة أخرى. وطبعاً إنّ تكرار حركات في يديه، أو في جسمه لها عدة مَعان خاصة. ولكنّ المشكلة الأكبر في هذا الخصوص هي فهم طريقة التواصل مع طفلنا الذي يعاني مرض التوحد، خاصة أنّ له دراجات، منها خفيفة حيث يستطيع الأهل وبسهولة الدخول إلى عالمه الخاص وبناء حوار فعّال معه. 

وللأهل سلوكيات خاصة يجب الإنتباه إليها خلال تواصلهم مع طفلهم الذي يعاني متلازمة التوحد، هي التالية:

- طلب المساعدة من الأخصائيين النفسيين للدعم النفسي، ويمكن الاستفادة من تجارب وخبرات العائلات الأخرى التي لديها شاب مراهق مصاب بالتوحد أيضاً، وتَعلّم طرق جديدة تساعد الوالدين على التأقلم مع ولدهما المصاب بالتوحد.

- الإبتعاد عن الغضب والشعور بالحزن بسبب حالة طفلهم. وطبعاً من الصعب تَقبّل الواقع دفعة واحدة خاصة حين يقارن الأهل طفلهم بأطفال آخرين. ولكن ما يجب معرفته هو أنّ الطفل المتوحد هو كباقي الأطفال، لديه مشاعر وأحاسيس وحاجات يجب أخذها بعين الاعتبار.

- عدم النسيان بأنّ الطفل المتوحد لديه حاجات ويجب مراعاتها.

وأهم النقاط التي تبني علاقة تواصل مع الطفل المتوحد هي التالية:

- يجب الاستماع إلى الطفل المتوحد أو محاولة فهم ما يقصده، فالاستماع إلى ما يعبّر عنه بطريقة مباشرة، أي عبر «الكلام»، أو غير مباشرة، أي عبر «إشارة الإصبع»، يساعد في فهم مطلبه.

- إستعمال الصور وإشارات الإصبع والإشارات الحركية والإيمائية عند المراهقين المتوحدين الذين لا ينطقون أبداً. وعدم كثرة الكلمات والجمل الطويلة، بل يجب أن تكون الكلمات بسيطة والجمل قصيرة.

- تحديد جدول النشاطات له (وحالياً نشاطات داخل المنزل).

- الإبتعاد بشكل قطعي عن العدوانية بكل أشكالها (اللفظية والجسدية).

- الصبر وهدوء الأعصاب هما مفتاح نجاح التواصل مع الطفل الذي يعاني متلازمة التوحد، فعلى الأهل أن يفكروا بهذه الطريقة: إذا استعملت العدوانية والغضب، فإنهما لن يجديا في تعاملي مع طفلي. بينما إذا كنت هادئاً، فإنّ طفلي سيفهم طبعاً ما أطلبه حتى لو لزم الأمر وقتاً طويلاً.

- مشاركة الطفل المصاب بالتوحد في الحياة اليومية للعائلة. وهذا الأمر يعزز انتماءه كما ينمّي التواصل المباشر أو غير المباشر بين الطرفين.