العدد 4376
الأربعاء 07 أكتوبر 2020
banner
الحكمة والخبرة تلتقيان في بندر بن سلطان
الأربعاء 07 أكتوبر 2020

عندما يتحدّث رجل بقامة الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود بما له من مكانة دبلوماسية كونه سفيرا سابقا للمملكة العربية السعودية الشقيقة ولأكثر من 20 عامًا في واشنطن (1983 - 2005)، وبما لديه من خبرات أمنية اكتسبها بشغله بين العامين 2012 و2014 منصب رئيس الاستخبارات لدولة بحجم وثقل السعودية، فإن الحديث يكون جديرًا بالاهتمام والمتابعة؛ لأنه سيكون بطبيعة الحال ثريًّا وكاشفًا للحقائق الخافية عن كثيرين ومحمّلًا بالعديد من الدروس والعبر.

وحين يكون الحديث عن قضية مصيرية كالقضية الفسلطينية بما لها من مكانة في قلب كل عربي ومسلم، فإن متابعته تكون أوجب، لاسيما أن الأمير بندر بن سلطان وبحكم عمله كان قريبًا من ساحة صناعة واتخاذ أهم قرارات هذه القضية، وهو كنز معلومات غير متاحة للآخرين مهما كانت مناصبهم ومسؤولياتهم.

وبالفعل جاء حديث الأمير بندر بن سلطان لقناة العربية مساء الإثنين عن القيادات الفلسطينية وتاريخها متفرّدًا، وكاشفًا لحقائق، وناسفًا لمزاعم باطلة وشعارات فارغة، ظلّت ترددها هذه القيادات لسنوات، وواضعًا لمعادلات جديدة في كيفية التعامل مع هذه القضية ليكون هذا الحديث درسًا تاريخيًّا للأجيال.

القيادات الفلسطينية كما هو عهدها دائمًا في كل محطات النزاع الفسلطيني الإسرائيلي وفي كل إنجاز يحسب للقضية الفلسطينية وكل خطوة تقربنا من الحل، تصاب بالتهور والرعونة في التصرفات والتصريحات فتكشف بنفسها عن مزيد من العورات، وتعطي مزيدا من القناعات السلبية عنها، وهو ما فعلته تلك القيادات بهجومها المرفوض ومواقفها غير المبررة وإساءاتها لدول لم تحمل ولم تقدم إلا الخير والعون للقضية الفلسطينية كمملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ولتثبت ما أكده الأمير بندر بن سلطان في الجزء الأول من حواره أن “القضية الفلسطينية قضية وطنية وقضية عادلة، لكن محاميها فاشلون”.

والحقيقة أن فشل القيادات الفسلطينية هو فشل متعدد الأبعاد، فهي فشلت أولًا في أن تكون ممثلة للشعب الفلسطيني الصابر وأن تعبر عن طموحاته وتستجيب لتطلعاته في استعادة حقوقه المشروعة غير القابلة للمساومة عليها أو التنازل عنها والتفريط فيها، كما فشلت ثانيًا في التعامل فيما بينها بالمسؤولية الكافية والوطنية اللازمة، فكانت ـ وما تزال ـ الانقسامات والتوترات هي السمة البارزة للعلاقات فيما بين تلك القيادات نفسها، كما أنها فشلت ثالثًا في التعامل مع إسرائيل بمنطق العصر ومعطياته وأدواته وتحجرت في أفكارها وسياساتها فأضرت القضية ولم تخدمها، وفشلت رابعًا في التعامل مع الأشقاء العرب الذين لم يبخلوا يومًا عن دعم القضية الفلسطينية بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات، ويكفينا هنا الإشارة إلى أن القيادات الفلسطينية هي المستفيد الأكبر من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والتي وقعت قبل عقود، وباتت مصر هي الملجأ الأول لهذه القيادات لحل ما بينهم من خلافات وتهدئة التوتر والتصعيد مع إسرائيل والتخفيف على الشعب الفسلطيني الشقيق.

نتمنى أن يكون حديث الأمير بندر بن سلطان الذي وضع النقاط على الحروف بداية المراجعة للقيادات الفلسطينية في مواقفها وتصريحاتها وسياساتها لا لأجل دولة عربية هنا أو هناك؛ بل لأجل القضية الفلسطينية، والتوقف تمامًا عن المتاجرة بتلك القضية الراسخة في قلوبنا والثابتة بمكانتها والسامية بعدالتها، وأن ينحازوا للجانب الصحيح في المعادلة، ويدعموا ويتعاونوا مع كل جهد عربي يخدم القضية لا أن يهاجموا ويسيئوا للقيادات والشعوب، وينساقوا دون فكر أو وعي لخدمة أجندات خبيثة تحمل من الضرر الكثير على القضية الفلسطينية وعلى المنطقة بأسرها.

وختامًا نقول، إنه ورغم ما يتكشف من حقائق تظهر المواقف المتخاذلة للقيادات الفسلطينية، إلا أن هذا لن يزعزع أبدًا إيماننا بالقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الشقيق في دولة فلسطينية عربية مستقلة واستعادة حقوقه المشروعة كافة، التي أقرتها له القوانين والمرجعيات الدولية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .