في الأول من أكتوبر 2020 وفي خضم القیود الصعبة التي تطبقھا الحكومة البریطانیة برئاسة بوریس جونسون للتصدي لانتشار العدوى بفیروس كورونا في أنحاء المملكة المتحدة، تلك القیود المفروضة على التجمعات والتي تمنع تجمع أكثر من ستة أشخاص في مكان واحد وتمنع الزیارة بین الأسر وبعضھا، والتي تلزم الجمیع ارتداء قناع الوجه داخل المحلات وأماكن العمل والمواصلات العامة، وسط ھذه الأجواء تناولت الصحف البریطانیة نبأ خرق والد رئیس الوزراء مستر ستانلي جونسون ھذه القیود، حیث التقطت له صورة وھو بدون قناع الوجه في أحد المحال وكذلك خرق رئیس حزب العمل السابق مستر جیرمي كوربین ھذه القواعد بحضوره حفل عشاء ضم أكثر من 6 أشخاص، وھو ما یحتم أن یقوم كل من الرجلین بتسدید غرامة قدرھا 1800 جنيه استرلیني.

الشيء الجید طبقا لما ورد في وسائل الإعلام أن كوربین قدم اعتذار علنیا عن ھذا الخطأ الذي ارتكبه وكذلك فعل السید ستانلي جونسون والد رئیس الوزراء، حیث أعلن اعتذاره الشدید قائلا إنه لم یكن متأكدا من الإجراءات المعمول بھا.

عندما تقرأ خبرا كھذا تدخل في حالة انبھار بھذه السلوكیات وھذه الشعوب التي تحترم القانون، وكون القانون مطبقا بحذافیره على الصغیر والكبیر، وتقول لنفسك إن ھذه الشعوب تستحق التقدم والرفاھیة التي تعیش فیھا، لكن حالة الانبھار ھذه تتوقف أو تتضاءل عندما تقرأ على نفس الصفحة من نفس الجریدة التي نشرت نفس الخبر أن السود والآسیویین في بریطانیا یتعرضون لخطر الموت بوباء كورونا أكثر مرتین من أصحاب البشرة البیضاء طبقا لدراسة أجرتھا جامعة مانشستر، عندما قرأت ذلك الخبر قلت لنفسي في البدایة إن الأمر ربما یتعلق بمسألة جینیة في أولئك السود والآسیویین، لكن جاءتني الإجابة سریعا وھي أن السبب ھو أن ھؤلاء یعیشون في ظل ظروف معیشیة صعبة أو بسبب عدم المساواة الاجتماعیة والاقتصادیة حسب وصف جامعة مانشستر التي قامت بتحلیل بیانات الدراسة، وفي ذات الخبر دعا صدیق خان عمدة لندن حكومة بوریس جونسون لأن تعالج حالة عدم المساواة التي كشف عنھا ھذا الوباء، فقلت لنفسي في النھایة كل دولة فيها أشیاء جمیلة وفیھا أشیاء عكس ذلك، وأن الیوتوبیا غیر موجودة على الأرض.