+A
A-

عدنان الأحمد.. اللون هو الضوء والنبض والحياة 2/2

اتخذ لنفسه أسلوبا فريدا ومتميزا في المشهد التشكيلي المحلي المستقاة من الشعر والموسيقى معبر من خلالها عن القضايا الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تحيط عالم البشرية وتتحكم فيه.

هل من دور للعائلة في ذهاب عدنان الأحمد إلى الفن؟

كنت دائما أقول أن الفن اختارني أن أكون فنانا ولم اختار الفن ليكون مستقبلي، قدري أن أكون فنانا وكان للأهل دور كبير في ذلك.

لم أتصور يوما أن أكون فنانا تشكيليا طوال فترة دراستي النظامية في مدارس البحرين ، صحيح كانت لدي موهبة متواضعة وكنت مميزا على من حولي من الطلبة في مادة (التربية الفنية والأشغال اليدوية) وكنت أحصل على الاهتمام والتشجيع من أساتذة مادة التربية الفنية في كل المدارس التي درست فيها في البحرين والأهل أكثر المشجعين لي، كنت أحلم أن أكون طبيباً. وفعلا بعد تخرجي من الثانوية العامة سجلت نفسي في إدارة البعثات بوزارة التربية والتعليم لدراسة الطب بالمملكة العربية السعودية وكانت رغبتي الأولى حيث كان حلمي، كانت للصدفة حضورها حيث كانت هناك طاولة صغيرة في إحدى زوايا صالة التسجيل للبعثات فوقها يافطة كُتب عليها التسجيل لدراسة الفنون الجميلة في فرنسا. حيث سجلت فيها لفرنسا.. عموما لم تكن لدي رغبة الذهاب الى فرنسا لكن العائلة كان لها رأي آخر وخاصة الوالد وإحدى خواتي الكبار اللذين أصرا على سفري إلى فرنسا لدراسة الفنون. عموما، لم يكن طريقي مفروشاً بالورود أبداً لكني نجحت بتقدير ممتاز.

في التصنيف ( العمري ) الزمني أنت تنتمي للجيل الثالث في الحركة التشكيلية البحرينية، ترى بم يمتاز  جيلكم؟

يعتبر الجيل الثالث من الفنانين التشكيلين البحرينيين هو جيل الشباب المتحمس وهو جيل الدماء الجديدة التي تدفقت في شرايين الحركة التشكيلية بكل حماس واندفاع من العائدين من الخارج من الفنانين المتعلمين وخريجي الجامعات العربية والأجنبية، أتى هذا الجيل في فترة مهمة جداً في تاريخ الحركة التشكيلية البحرينية وهي فترة التطوير والتحديث والبناء على أسس علمية وأكاديمية مواكبة لحركة التطور في المحيط العربي والعالمي في الأوساط الفنية والثقافية التي بدأت في أواخر الثمانينات وانطلقت في بداية التسعينات من القرن الماضي حيث أن معظم فناني هذا الجيل ممن التحقوا بركب التشكيل البحريني هم من خريجي الجامعات العريقة من المؤهلين علميا وأكاديميا وقد عادوا بأفكار جديدة وأساليب وتجارب متطورة طرحوها في الساحة التشكيلية  بشجاعة وجرأة شكلت إضافة مهمة جدا إلى جانب تجارب فنانينا الكبار ويعتبر هذا الجيل الذهبي امتداد لجيل الرّعيل الأول من الرواد والأساتذة من المؤسسين ومن الجيل الثاني الذين قامت على أكتافهم أعمدة هذا الصرح الحضاري الذي يمثل ثقافة هذا الوطن فكريا وفنيا. كانت بداية الانطلاقة مبنية على الرغبة في التطوير والتحديث على أسس علمية واكاديمية بقيادة الفنان سعادة الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس جمعية البحرين للفنون التشكيلية آنذاك ولفيف من الفنانين المخضرمين من الرّواد والشباب المتحمس.

كوني أحد الفنانين الذين انظموا الى ركب الحركة التشكيلية في تلك الفترة لي كل الشرف والافتخار بتواجدي ومشاركتي وتدوين اسمي في تلك الصفحات المشرقة من تاريخ الفن في البحرين.

أنت فنان ملون.. ماذا يعني لك اللّون؟

اللون هو الضوء والحياة والنبض.. هو الامتلاء وكلنا يعرف نظرية ألوان الطيف كيف تأتي من الشمس على شكل سبعة ألوان كقوس قُزح وعندما تدخل مجال الأرض تتحول إلى ضوء يبعث الحياة وهذا الضوء يمنح كل الأجسام ألوانها حسب طبيعة كل جسم وما تقبله وما ترفضه تلك الأجسام، من ألوان الطيف وحتى الماء الذي نستمد منه الحياة هو بمثابة الضوء بلونه الشفاف أي انه كل الحياة هذا من الجانب العلمي.

أما في الفن فاللون هو اللغة والابجدية وكل أدوات التعبير والتأثير والإيحاء بالرمز، فمن خلال اللون نبني أشكالنا ونبث فيها الحياة ونحدد وجداننا وأحاسيسنا ومشاعرنا عن طريق هارمونية لونية متدرجة بين الحرارة والبرودة والحيادية نتحسس من خلالها كل العلاقات الإنسانية والعاطفية والتعبيرية والفكرية.

هل توجد سوق للفن في البحرين بحيث يمكن للفنان الاعتماد عليها؟

 في الواقع لا توجد سوق للأعمال الفنية في البحرين بمفهوم سوق الفن العالمي وكما تعرف أخي العزيز الفن اليوم اصبح استثمارا لاحب ان اطلق عليه اسم تجارة فالفن ليس سلعة وليس بضاعة تخضع لمعيار العرض والطلب ولا يشترى ولا يباع كأي سلعة الفن استثمار حضاري وثقافي تقوم على أساساته حضارات تؤرخ لدول وحضارات والفن علم وتاريخ في المقام الأول الفن يُقتنى ويحفظ في المتاحف أو بين المجموعات الخاصة لكبار المثقفين ورعاة الفن، وأحيانا بعض اللوحات الثمينة تحفظ في خزائن في البنوك ولكن للأسف ما يحصل في البحرين هو محض اجتهاد من بعض الفنانين في محاولة للتسويق لأعمالهم. واعترف أن الفنان إنسان يريد أن يعيش لكي يرسم ويحتاج إلى مصدر رزق. فكيف يوفر خامات الرسم إذا لم تتوفرلديه المادة؟ أضف إلى ذلك الشروط النفسية (الأمان والاستقرار) وتوفر الشرط المادي وهذا مهم جدا لشراء الخامات وكما تعلم إنها مكلفة، فمن حق الفنان أن يعيش بيسر هو وعائلته ويرسم ويبدع ويبيع خارج نطاق الطموحات المثالية. ولحسن الحظ ثمة عدد قليل جدا (يعدون على الأصابع) من الميسورين من عشاق الفن في البحرين يقتنون أعمالا فنية من بعض الفنانين بدافع حبهم للفن أو تشجيع الفنانين ودعمهم.​