أثر وباء كورونا كثيرًا على تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية، ولحماية الناس من عدوى الوباء أصدرت كل الدول قرارًا بوقف هذه الفعاليات تنظيمًا وحضورًا وذلك خلال الفترة الأولى من ظهوره، وفي الفترة التالية تم السماح بتنظيم الفعاليات الثقافية إلكترونيًا عن بُعد، وسنقرأ تاليًا عددًا من الإبداعات الأدبية والفنية من الأدباء - كُتُبًا وقصصًا وشعرًا - وسنشاهد عروضًا من مختلف الفنانين عن هذا الوباء، وسيؤرخ عنه كل واحدٍ منهم بطريقته.

إن نقل الفعاليات الثقافية افتراضيًا كان حلا ــ وإن كان مؤقتًا ــ لأجل استمرار هذه الحركة والتواصل مع الجمهور، إلا أن الفعاليات الثقافية المباشرة ليست كتلك الافتراضية، فالحضور له طابع خاص بجانب لقاء الآخرين فيها؛ لذا، أصبح البث الافتراضي الرئة الأخرى التي ساهمت في نقل الفعاليات الثقافية من محاضرات وشعر وفنون، كما وضعت بعض الجرائد إعلانًا يوميًا عن الكتب التي يمكن شراؤها وإرسالها إلى المشتري وهو في البيت.

إن تأجيل الفعاليات الثقافية لا يعني أن الثقافة انحسرت من المجتمع وتوقف نتاجها، بل هي مستمرة لمختلف المجالات الإبداعية ويتم عرضها افتراضيًا. ولعل كورونا يُضيف فرصة لتخصيص إعلام ثقافي وقنوات تلفزيونية ثقافية لخدمة المجتمع، ويستطيع المبدعون نشر نتاجهم منها ليشاهدها الناس، خصوصا المستوحاة من الأحداث الحالية.

لقد تأثر عدد ليس قليلا من العاملين في المؤسسات الثقافية، وفي بعض الدول قدمت لهم حوافز مالية، وينتظر الآخرون في دول أخرى لحين جلاء هذا الوباء ليعودوا لوظائفهم.

إن التفاعل الثقافي الافتراضي ساهم كثيرًا في جعل الثقافة وطنا للجميع، خصوصًا في ظل وجود الناس لوقتٍ كبير في البيوت واعتمادهم في زمن الكورونا على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد حقق النقل الافتراضي إقبالًا كبيرًا من المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي فأصبحوا جميعًا في وطن ثقافي واحد، ونقلت جمعيات ثقافية وأدبية وتاريخية في البحرين فعالياتها افتراضيًا، كما تم تنظيم “مهرجان الشعر العالمي” بمشاركة (2000) شاعر وأديب وفنان من (160) دولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما شكل انتصارًا للإنسان وتحديه الأزمات وتعبيرًا عن مواصلة التفاعل الثقافي والإبداعي في العالم وتعزيزا لقيم الوحدة والأخوة الإنسانية. لقد ساهم كورونا في انتقال الفعاليات الثقافية من قاعاتها وميادينها الضيقة ليشاهدها جميع الناس.