+A
A-

عشية انتهاء الحظر.. هل تستطيع إيران فعلا شراء الأسلحة؟

من المقرر أن ينتهي حظر الأسلحة المفروض على إيران يوم غد الأحد، لكن الكثير من الأطراف تشكك في تمكن طهران من عقد تعاملات لبيع أو شراء السلاح، نظرا للعراقيل والعقبات التي ستحول دون ذلك، بسبب إعادة واشنطن كافة العقوبات الأممية.

وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قد قال في تصريحات، الأربعاء الماضي، مهنئًا الشعب الإيراني بإنهاء حظر الأسلحة، إن بلاده "تستطيع شراء الأسلحة من أي بلد تريد وفي أي وقت".

يأتي هذا في الوقت الذي تشكو فيه البلاد من انهيار عملتها بشكل غير مسبوق وزيادة الغلاء والتضخم والأزمات المعيشية.

وبينما يزعم مسؤولو النظام الايراني أن العقوبات الأميركية تعرقل حتى شراء الأدوية التي يحتاجها المواطنون الإيرانيون على الرغم من إعفائها من العقوبات، وصف روحاني موعد انتهاء حظر الأسلحة بأنه " يوم وطني" قائلا إنه لم يعد هناك قيود على مبيعات الأسلحة.

وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حسين دهقان، وزير الدفاع السابق والمستشار العسكري للمرشد الأعلى الايراني، علي خامنئي، قد قدم قائمة طويلة من الأسلحة التي تحتاجها إيران للمسؤولين الروس خلال زيارته إلى موسكو.

وذكرت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري أن القائمة تشمل صواريخ مضادة للغواصات وسفناً برمائية وطائرات مقاتلة من طراز سوخوي 35 ودبابات قتالية من طراز T-90.

لكن ضمن حملة الضغط القصوى ضد إيران، تعهدت إدارة ترمب بمنع تدفق الأسلحة إلى نظام ولاية الفقيه الذي تعتبره واشنطن أكبر دولة داعمة للإرهاب في العالم.

مخاطر التسلح

إلى ذلك، أكد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وهو من أهم مراكز الفكر والأبحاث في أوروبا أنه "من غير المرجح أن تتمكن إيران من عقد صفقات أسلحة في المدى القريب نظرا للمخاطر التي ستنجم عن ذلك".

وحث المجلس في تقرير له السبت، الحكومات الأوروبية على أن "تنظر بعناية إلى المخاطر التي تأتي مع انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة".

وأكد أنه "بالنظر إلى الدعم العسكري الغربي المستمر للشركاء الإقليميين، والتوافق المتزايد بين إسرائيل والعالم العربي، من غير المرجح أن يغير انتهاء الحظر ميزان القوى في الشرق الأوسط على المدى القصير".

ورأى المجلس أن "الطريقة البراغماتية لمعالجة هذه المخاوف تتمثل في التوصل إلى اتفاقيات جانبية مع روسيا والصين بشأن توقيت ونطاق مبيعات الأسلحة إلى إيران، بطرق تمنع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط".

الضغط الأميركي

ووفقا للتقرير، يمكن أن يؤدي الضغط السياسي والاقتصادي الكبير الذي تمارسه الولايات المتحدة على شركات الأسلحة الروسية والصينية المملوكة للدولة إلى تقليل شهيتها وقدرتها على المضي قدمًا في صفقات مع إيران.

لكنه أشار إلى أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر قد تؤثر على كثافة وتكتيكات محاولات واشنطن لمنع مثل هذه المبيعات، لكنه شدد على أنه من غير المرجح أن تتغير حملة الضغط الأميركية بشكل كبير حتى لو فاز المرشح الرئاسي بايدن.

خطر التوترات مع واشنطن

إلا أن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حذر أيضا من "أن يؤدي خطر زيادة التوترات العالمية إلى دفع موسكو وبكين إلى تسريع صفقات الأسلحة مع طهران، بدوافع جيوسياسية وأمنية لمواجهة الولايات المتحدة، وأيضا في حالة روسيا، لتعزيز التعاون العسكري مع إيران في أماكن مثل سوريا".

كما أشار التقرير إلى صعوبة دفع ثمن الأسلحة التي تريدها إيران، نظرا للعقوبات والحظر المالي المفروضين عليها من قبل الولايات المتحدة.

كذلك ستتأثر موسكو وبكين بتأجيج نيران عدم الاستقرار الإقليمي من جراء مبيعات الأسلحة لإيران، وفقا للمجلس الأوروبي.

وذكر التقرير أن الصين لن ترغب في المخاطرة بمزيد من عرقلة وصولها إلى الموارد الهيدروكربونية من الشرق الأوسط.

كما أن إسقاط إيران طائرة ركاب أوكرانية في يناير الماضي، ومصادرة ناقلات في مضيق هرمز في عام 2019 قد يلقي بظلال من الشك على قرارات بيع أسلحة لإيران، وفقا لتقرير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وتوقع التقرير أنه في الأسابيع المقبلة، قد تقوم كل من روسيا والصين بالإدلاء ببيانات وتوقيع صفقات أسلحة مع إيران والتي كانت جزءًا من المناقشات الثنائية في الفترة التي سبقت انتهاء حظر الأسلحة.

لكن المجلس الأوروبي اعتبر مثل هذه التحركات مجرد تكتيك لإثارة غضب إدارة ترمب، ردا على إعادته جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران في مجلس الأمن في سبتمبر الماضي.

من جانبه، سيبقي الاتحاد الأوروبي على حظر الأسلحة الخاص به على إيران حتى عام 2023 على الأقل، كما توقع المركز.

توسيع الضغط وخطر المواجهة

وقد تفرض إدارة ترمب عقوبات أحادية الجانب على تجارة الأسلحة مع إيران لزيادة عمليات حظر على السفن والبضائع الإيرانية بما في ذلك تلك الموجودة في الخليج، وحتى تلك المتوجهة إلى فنزويلا.

وهناك أصوات في واشنطن دعت الولايات المتحدة إلى فرض حصار بحري على إيران، والذي قد يصل إلى حد العمل العسكري.

ورأي المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن "مثل هذه الإجراءات لتشديد الضغط على إيران - مع انتقال إدارة ترمب إلى فترة ولاية ثانية أو الأشهر الأخيرة في منصبه - يمكن أن تؤدي إلى صدام عسكري بين إيران والولايات المتحدة".

العقبات

لكن مع كل هذه الأمور لا تزال هناك عقبات جدية تعيق شراء إيران للأسلحة، حيث إنه بالإضافة إلى القيود الأميركية، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمرا تنفيذيا ينص على معاقبة الأفراد والشركات التي تتورط في إنتاج وبيع الأسلحة والمعدات إلى إيران.

كما ينص الأمر التنفيذي على منع الأفراد والمؤسسات التي تنتهك حظر الأسلحة وتجميد أصولها وحساباتها المصرفية، فضلاً عن محاكمة المتورطين.

كما أن الحظر المالي الأميركي على البنوك والمؤسسات المالية الإيرانية يعيق عمليات البيع والشراء وحتى الأنشطة التجارية الروتينية.

موقف إسرائيل

ومنذ انتهاء التعاون العسكري بين إيران وروسيا في سوريا، كثفت إسرائيل هجومها الصاروخي على القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، خاصة تلك التي تحتوي على صواريخ ومعدات وأسلحة بالقرب من حدود إسرائيل.

ولا شك أن بيع أسلحة هجومية من قبل روسيا لإيران غير ممكن بدون موافقة إسرائيل، وفي ظل المواجهة المستمرة بين طهران وتل أبيب علي الأراضي، فمن غير الممكن أن توافق إسرائيل على مثل هذه التعاملات.

الموقف الأوروبي

وعلى الرغم من أن الأوروبيين عارضوا تمديد حظر الأسلحة على إيران من قبل الولايات المتحدة، إلا أنهم أرسلوا رسائل إلى طهران مفادها أنه ذلك لا يعني كما لو انهم يصطفون في طابور لبيع الأسلحة لإيران.

ويرى أن الوضع الاقتصادي الإيراني حرج لدرجة أنها لا تستطيع شراء المعدات والتقنيات العسكرية الحديثة.

كما أنه بالرغم من الخلافات بين الأوروبيين وإدارة ترمب، لكنهم في نفس الوقت يشاركون واشنطن القلق حول أن إيران ستستغل هذه الفرصة لتزويد الميليشيات في المنطقة بالسلاح.

كما أنه من غير المحتمل أن يبيع الأوروبيون الأسلحة بطريقة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على مصالح حلفائها، بما في ذلك إسرائيل.