+A
A-

البحرين مثالية للسياحة الداخلية ومعطيات جديدة قيد التشكل

نادر المؤيد: انتعاش ملحوظ لمستويات السياحة الداخلية

جهاد أمين: أهمية التكيف مع المعطيات الجديدة لدعم السياحة الداخلية

الكاظم: ظروف كورونا لفتت الأنظار للسياحة المحلية

أكد خبراء ومهتمون في مجال السياحة امتلاك مملكة البحرين للبنية التحتية الأساسية التي يمكن استغلالها لتطوير السياحة الداخلية، واعتبروا أن المملكة مثالية لهذا النوع من السياحة وتحتاج إلى تطوير رؤية مستقبلية لتنمية هذا القطاع الحيوي، معتبرين أن استثمار البحر والجزر والموارد مفتاح المستقبل القوي لهذا المجال.

وأكد الخبراء في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن جائحة كورونا مثّلت فرصة مناسبة للالتفات للثروة السياحية التي يزخر بها الوطن والابتكار فيها، والاستثمار في هذا القطاع، كونه يلعب دوراً محورياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية من خلال مساهمته في تنويع مصادر الدخل وخفض الاعتماد على الإيرادات النفطية.

إلى ذلك؛ أكد المهندس نادر خليل المؤيد، الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض، أن ما شهدته المملكة من انتعاش ملحوظ لمستويات السياحة الداخلية، في ظل الظروف الراهنة لفيروس كورونا (كوفيد-19) إنما يعكس متانة البنية التحتية للمرافق والمشروعات السياحية في المملكة، مضيفًا أن ازدهار البنية التحتية السياحية تأتي نتيجة النهضة التنموية والحضرية التي تشهدها في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وترجمةً لجهود الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر حفظه الله، والمتابعة المستمرة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله.

وأشار المؤيد إلى أن الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن والعالم أجمع جراء جائحة كورونا مثّلت فرصة مناسبة للمواطنين والمقيمين للالتفات للثروة السياحية التي يزخر بها الوطن، والتي كانت ولا تزال وجهة مهمّة للسيّاح الخليجيين والأجانب من مختلف دول العالم، منوهًا بأن القطاع السياحي أصبح يلعب دوراً محورياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية من خلال مساهمته في تنويع مصادر الدخل وخفض الاعتماد على الإيرادات النفطية، لافتاً إلى ما يشهده القطاع السياحي بالمملكة من ابتكار لوسائل سياحية جديدة واستثمار مواردها الطبيعية بالصورة الأمثل، وتسخير التكنولوجيا الحديثة للترويج السياحي وتطوير الوجهات البحرية المحيطة بالمملكة.

وأوضح المؤيد أن مملكة البحرين تواصل حرصها على ربط مشروعاتها السياحية الحديثة بموروثها الشعبي وتاريخها العريق، ليمثل امتداداً للعمق الحضاري والتاريخي للبحرين، مما يجعله استثماراً مضاعفاً للمقومات الأثرية والتاريخية، لافتًا إلى أنه وفقاً للمؤشرات الأممية فإن البحرين تتبوأ مرتبة متقدمة في تهيئة الظروف المناسبة لزيادة إسهام القطاع السياحي في اقتصاد المملكة، مما يولد فرص العمل للشباب البحريني من الجنسين، ويسهم في تأمين الوظائف المناسبة سواء بالقطاع العام أو الخاص.

وعبّر المؤيد عن تقديره للجهود التي يبذلها القطاع الخاص لتحفيز مستويات السياحة الداخلية، من خلال تقديم التسهيلات والعروض المختلفة، بما يعزز من اهتمام المواطنين والمقيمين تجاههم، مؤكداً أن الهيئة تقف دائماً مساندةً لهم من خلال مضاعفة وجهات الجذب السياحي الداخلية، تلبيةً لكافة احتياجات المواطنين والمقيمين السياحية الراغبين في الاستجمام والترفيه وقضاء أمتع الأوقات في المملكة، والذين كان لهم إسهاما واضحا في إنعاش السياحة الداخلية وتحفيز مختلف القطاعات السياحية بالمملكة.

معطيات واستراتيجية تتلاءم مع الوضع الاقتصادي الجديد

ومن جانبه أكد السيد جهاد أمين، رئيس لجنة الضيافة والسياحة بغرفة تجارة وصناعة البحرين، أهمية إعادة التكيف مع المعطيات الجديدة في المجتمع التي تقوم على دعم السياحة الداخلية، واستشهد بوجود دراسات عالمية تعطي مؤشرات حول أهمية إعادة عجلة النمو الاقتصادي، ووضع استراتيجية تتلاءم مع الوضع الاقتصادي الجديد، تتضمن دعوة المستثمرين، وتحديد المشاريع الترفيهية التي تحتاجها مملكة البحرين، مؤكداً أن البنية التحتية في المملكة قوية لكنها تحتاج إلى المزيد من التطوير، فالمتاحف والملاعب وسوق المنامة وغيرها كلها أمور تصب في تجميل صورة المملكة، وأكد أن الثقافة والسياحة عنصران يتكاملان بشكل مباشر، داعياً إلى الاهتمام بالترفيه النوعي وإنشاء الملاهي المكيفة إلى جانب الأندية العلمية وغيرها، مشيرا إلى نتائج دراسة أعدتها الغرفة أخيراً توضح أن السياحة واحدة من أكبر القطاعات التي تسهم في الدخل القومي، وتبين اعتماد مملكة البحرين الكبير على السياحة القادمة من المملكة العربية السعودية الشقيقة.

ورداً على تحديد ملامح مستقبل السياحة الداخلية؛ قال جهاد أمين أن المرحلة القادمة تحتاج أكثر من أي وقت آخر إلى توظيف ودعم القطاع، فالمميز أن مملكة البحرين تمتلك من الموارد البحرية الشيء الكثير، وقال: "تعتبر البيئة لدينا بيئة مثالية جداً، ولكن وجب علينا النظر إلى كيفية استغلال الشواطئ والجزر وتطويرها لتوفير منافذ ووسائل ترفيهية متعلقة بالرياضات المائية والرحلات البحرية، وتوفير عوامل الإقامة في بعض الجزر، وتطوير منتجعات مؤهلة وجذابة بشكل بتناسب مع متطلبات السائح سواء كان من الداخل أو الخارج.

ويذهب جهاد أمين إلى توضيح أهمية أن تكون السياحة للجميع؛ تهتم بجميع الفئات السنية، معتبراً أن هذا التنوع هو أساس النهوض بهذا القطاع خصوصاً والاقتصاد عموما، وقال: "علينا النظر إلى سبل تطوير مشاريع سياحية وفق استراتيجية محددة؛ فوضع خطة تتيح إمكانية توجيه المستثمر للمجال الصحيح، وتحفيزهم على بدء مشاريع نوعية ومختلفة، فالخطط تعتبر ضمانة للعمل وتعطي الثقة، من هنا أطرح فكرة تطوير المنتجعات الشاطئية وإيجاد غيرها من البدائل الترفيهية التي يمكن اعتبارها الخيار الأفضل والأكثر أماناً خلال المرحلة التي نعيشها للتصدي لجائحة كورونا".

مبيناً الحاجة للعمل على تطوير الشواطئ وداعياً إلى ضرورة استغلال جميع المناطق ذات الاطلالات الجميلة التي يمكنها جذب السياح من خلال تسيير رحلات بحرية (كروز) لغداء أو عشاء.

ظروف كورونا لفتت الأنظار للسياحة المحلية

وفي السياق ذاته؛ قال محمود الكاظمـ الرئيس التنفيذي لشركة بحرين هوليديز، إن مملكة البحرين تعتبر حاضناً جيداً للسياحة الداخلية، خصوصا فترة الصيف، وبين توجه جميع العاملين في هذا القطاع إلى طرح أشياء جديدة من عروض وتنافس في الخصومات لجذب المواطنين والمقيمين، وقال: "لمسنا ذلك في عروض المنتجعات والفنادق، كما شهدنا في الفترة الأخيرة ازدهاراً كبيراً في الرياضات المائية والبحرية، وتميز صيف هذا العام بترتيب العديد من الزيارات لجزيرة قطعة جرادة التي تعتبر جزيرة متفردة ذات طبيعة خاصة لا تتكرر في كثير من الدول، فهي تمتاز بطفوها فوق الماء لمدة 12 ساعة يقابلها اختفائها تحت الماء لـ 12 ساعة المتبقية، وهذا ما يعتبر مصدر تنفرد به  تحفز الناس على زيارتها ومشاهدتها، فالملفت أن هذه الزيارات كانت تتم وفق الاحترازات الصحية اللازمة التي توجب تقليل عدد الركاب في القارب الواحد، فضلاً عن التعقيم المستمر للقارب والكراسي وتوفير معقمات اليد ولبس الكمام.

وعن رأيه حول واقع السياحة الداخلية في مملكة البحرين قال الكاظم: "لدينا بنية تحتية لكنها تحتاج إلى التطوير، فهناك حاجة إلى كسر أشكال السياحة النمطية ودعمها بأشكال تخصصية من السياحة، فالسياحة تتقاطع اليوم مع مجالات الحياة من اقتصاد وثقافة وفن وغيرها، والملفت أن البحرين تمتاز بوجود بنية تراثية جذابة مثل بيت بن مطر وطريق اللؤلؤ ومدينة المحرق العريقة، ومجموعة من المواقع التراثية والمتاحف الجذابة، فالسائح يريد الاطلاع على خصوصية البلد، وهذه الخصوصية تتمثل في كل ما هو بحريني ابتداء من صنع الحلوى مروراً بقصة اللؤلؤ وصولا إلى المشاريع السياحية المبتكرة".

وختم الكاظم حديثه بالتأكيد على أهمية اغتنام فرصة الجائحة التي جعلتنا نعيد النظر في كثير من تفاصيل حياتنا وإعادة ترتيب أولوياتنا، والتي تجعلنا أمام مهمة توجيه الأنظار إلى السياحة المحلية بشكل يليق بجمال مملكة البحرين العامرة بمواطن التفرد، فالبحرين جميلة وتستحق الترويج لها دائماً محلياً وخارجيا، وأي توجه للسياحة الداخلية سوف يخلق منافسات في سوق السفر والسياحة والنقل والفنادق والمنتجعات ومراكز الترفيه مما يدفع بعجلة الاقتصاد بالشكل المطلوب.

يذكر أن دراسة لصندوق النقد العربي حول "أثر قطاع السياحة على النمو الاقتصادي في الدول العربية" أكدت على اعتبار قطاع السياحة من أكثر الأنشطة الاقتصادية تأثراً بجائحة كورونا نتيجة القيود المفروضة على وجهات السفر، إذ تراجع ناتج قطاع السياحة بنسبة تتراوح ما بين 60 و80 في المائة خلال عام 2020، وهو ما يهدد الملايين من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وأشارت الدراسة إلى أن نسبة مساهمة القيمة المضافة لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية خلال عام 2019 بلغت حوالي 11.4 في المائة، وخلصت توصيات الدراسة إلى أهمية تحسين أداء قطاع السياحة في الدول العربية وتطوير البنية التحتية للقطاع وتفعيل الاتفاقيات السياحية وإطلاق مشاريع مشتركة بين الدول العربية، وتصميم برامج سياحية داخلية جذابة قدر الإمكان.