+A
A-

الشيخة هلا آل خليفة لـ(بنا): الاحتفال بالثقافة الإسلامية إنجاز البحرين في نوفمبر

كشفت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة مدير عام الثقافة والفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار، عن تفاصيل احتضان أول فعالية لليونسكو للاحتفال بالثقافة الإسلامية في العالم، إذ تنظم الهيئة باقة من الأنشطة التي تصب في بحث ودراسة ورصد الثقافة الإسلامية الممتدة ليس في الوطن العربي فقط بل وأيضا العالم الإسلامي، وبينت تزامن ذلك مع سلسلة من الفعاليات الجديدة التي تأتي كنتاج للمبادرة التي أطلقتها معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار لتخصيص هذا اليوم عام 2018 والذي يأتي تأكيدا لدور الثقافة الإسلامية في الحراك الثقافي والفني في العالم.

وأشارت الشيخة هلا بنت محمد، إلى أن مملكة البحرين ستقيم أول احتفالية للفن الإسلامي في تاريخ 18 نوفمبر القادم، وهو يوم الاحتفال بالفن الإسلامي، حيث ستضم الاحتفالية برنامجاً نوعياً يشارك فيه المتخصصون والنخب في مجال الفنون الإسلامية.

وأوضحت أن موقع قلعة البحرين سيحتضن يوم الخميس القادم النسخة 29 من مهرجان الموسيقى، حيث سيحضر الجمهور بسيارتهم لمتابعة فعالياته، وستغني في افتتاح المهرجان الفنانة عبير نعمة من لبنان والتي تتميز بإجادة العديد من اللغات العالمية، وبينت أن عنوان العام القادم الذي تطرحه الثقافة سيكون متعلقا بطريق اللؤلؤ حيث سيتم الانتهاء من المشروع العام القادم وسيضم برنامج عمل نوعي يتم الإعداد له حاليا.

وأضافت الشيخة هلا في حوار خاص لوكالة أنباء البحرين "بنا"، أن الاهتمام بالثقافة وما يترتب عليه من مشاريع وبرامج تحظى باهتمام ودعم كبيرين من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، مشيرة الى أن مخازن متحف البحرين الوطني تحتوي على كنوز كثيرة من القطع الأثرية التي تلامس مختلف مجالات الحياة من حياة الدلموني القديم، فمقتنيات المتحف متجددة وتخضع للترميم والتجديد في العرض حسب المناسبات والمواضيع المطروحة، وأن التراث غير المادي يتصف بأنه جزء من تاريخ وهوية مجتمع يتطور ويكبر وينمو، فهو تراث متجدد نعايشه، ولا يمكن تركه.

وتحدثت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة عن تفاصيل الاحتفال باليوم العالمي للثقافة الإسلامية قائلة: "تقود البحرين أول احتفالية للفن الإسلامي تحت مظلة اليونسكو في 18 نوفمبر القادم، حيث أطلقت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار مبادرة خلال احتفالية المحرق عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2018 تدعو فيها منظمة اليونسكو لإقرار يوم عالمي للاحتفال بالفن الإسلامي، فالإرث الإسلامي غني جدا ويمتد لأرجاء الوطن العربي والإسلامي، واعتمدته الجمعية العمومية لليونسكو العام الماضي كي يكون يوماً عالمياً منذ عام 2020م".

 

وعن أهمية تخصيص مثل هذا اليوم قالت الشيخة هلا: "من المهم أن تنبثق هذه الفكرة بمبادرة، على مستوى العالم تهتم بالفن الإسلامي من ناحية العمارة والخط والرسم والموسيقى، فهناك ثقل وإرث جميل يستحق الاهتمام به، وعليه قدمنا تصورنا لمجموعة من المبادرات المدروسة فمثلا سيحتضن مركز الفنون ورشا تخصصية فنية تشارك فيها فرق فنية هامة للحديث عن الفن الإسلامي، وسننظم أيضا حوارا فنيا عبر برنامج "زووم" مع مجموعات فنية هامة مثل مجموعة الصباح، وبركات، ومؤسسة الآغا خان، ومشاركة إحدى أهم المتخصصات في الفن الإسلامي وهي د. صبيحة الخمير، وسيطرحون مجموعة من المحاور الهامة المتعلقة بالتأريخ وأشكال الاهتمام بالفن الإسلامي وقيمته العالمية".

وطرحت الشيخة هلا توجه متحف البحرين الوطني لعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تعود للعهد الإسلامي تزامنا مع المناسبة، وقالت: "العمل في المتحف يمدني بطاقة كبيرة ويعطيني مسئولية كبيرة، فهناك الكثير من القطع الأثرية التي تميز أرضنا وتاريخنا، وهذه مناسبة لكي نخرج ما لدينا من هذه القطع الهامة، فهي مقتنيات تراثية كثيرة وهناك حملات تنقيب مستمرة على مدار السنة، ولدينا الكثير من القطع في مخازننا، مع نظام أرشفة وترميم هام جدا، فمخازننا غنية بإرث تراثي كبير يتعلق بعدة مجالات في الحياة، وعند اختيار أي عنوان نجد قطعا من التراث تدلل على وجود هذا العنوان في حياة الدلموني القديم، فالقطع التراثية منوعة ومصنفة حسب الفكرة أو الموضوع المطروح.. وأستطيع القول انه عند زيارتي للمخازن أخرج بطاقة كبيرة جدا".


وأردفت الشيخة هلا قائلة: "سننتقل إلى مقهى دارسين لعرض أغاني من فرقة ليالي النغم الأندلسية من المغرب، وسيصاحب ذلك عرضا لمجموعة من الأطعمة ذات مكونات عربية إسلامية، وعليه نجد أنه لدينا باقة من الثقافة الإسلامية المختلفة تحتضنها البحرين، وعلى خط موازي ننظم في باريس فعالية أخرى إذ نعتزم تنظيم معرض للفنون في مقر اليونسكو، سيحتضن فنانين من العالم الإسلامي، وسنعيد طباعة كتيب هام جدا من إصداراتنا، ونتطلع لاستقرار الأوضاع الصحية لإقامة الفعالية بنجاح".
 
البنية التحتية والمستقبل..
  وحول أهمية الاهتمام بالبنية التحتية الثقافية وتأثيراتها المستقبلية على الحراك الثقافي قالت الشيخة هلا: "لدينا بنية تحتية قوية وهامة، منها الدور والمتاحف والمراكز والمكتبات وغيرها، وهذه الصروح لن تكون فاعلة إلا بوجود برامج تحييها وتستقطب الجمهور فيها، أيضا لدينا مبادرات كثيرة عن بُعد وعبر صفحاتنا الإلكترونية، منها مبادرة ضوء على، وهي مبادرة تسلط الضوء على قطعة أثرية مع نبذة عنها، وتستهدف الجمهور الداخلي في الهيئة وأيضا الجمهور الخارجي، فعائلة الثقافة تعيش هذه التفاصيل وترسخ هذه المعلومات.. أيضا عملنا على تنظيم عدة برامج عن بعد، كما أقمنا أول مؤتمر صحفي باستخدام تقنيات التواصل عن بعد من أجل توضيح تفاصيل أعمال التنقيب آنذاك، وبالتالي عملنا لم يتوقف ولن يتوقف".

وعن نظرتها للمستقبل قالت: "بأيدينا أن نحافظ على الثقافة وأن نصونها، وأركز على أهمية الصون لما لها من معان هامة تعكس مسئولية الهيئة والأفراد والمدارس الذين يتشاركون في تحمل هذه المسئولية، فهي تعبير مهم يدلل على الحفظ والأرشفة والرعاية، أيضا من المهم التأكيد على أن تراثنا حي، وهو وصف جميل جدا، فالتراث غير المادي هو تراث حي متجدد، وهو جزء من تاريخ وهوية أي مجتمع، وهو يتطور ويكبر وينمو، إذا هو تراث متجدد نعايشه، ولا يمكننا تركه على الرف أبدا".

وعن آفاق العمل على خط التراث غير المادي الذي كان على رأس ملتقى خاص عقد في البحرين للمرة الثانية قالت: " العمل مستمر في هذا الملتقى السنوي، فالعناوين والمحاور تتجدد سنويا، ويتم تشكيل فرق عمل لبحث ودراسة كل جزء، فنحن أمام تخصصات فرعية كثيرة تندرج ضمن التراث غير المادي منها الحرف والزي والأغاني والنسيج والقصص والرقص، فمثلا من عالم النسيج أغلب من يعمل بها هم من الرجال وبالتالي هي حرفة يتقنها الرجال، وهو تفصيل خاص في ثقافتنا، أيضا نعول كثيرا على الفرق الصغيرة المتجددة في أعضائها التي تعمل في صمت من أجل دراسة وتوثيق أشكال التراث غير المادي".

وأكدت الشيخة هلا أهمية مواكبة الحراك الثقافي العالمي، وقالت: "يقدم الخبراء نظرة شمولية للتراث، فمن المهم معرفة كيف يفكر العالم.. وفي أي اتجاه يسير، ومن المهم أيضا مواكبة هذا التطور وبالتالي مواكبة العالم، إذا نسعى تحت مظلة الثقافة لمتابعة المستجدات، فقد كانت البحرين واحدة من 179 دولة وقعت على حماية التراث غير المادي في العالم، ولدينا 15 سنة من العمل على صون التراث غير المادي في العالم.. إذا نحن نسير في الاتجاه الصحيح، كما اهتمت الهيئة بإعداد سلسلة من اللقاءات التي تعنى بحفظ التاريخ الشفوي للشخصيات والمتعلق بذكرياتهم وحياتهم وأعمالهم، ومن الشخصيات التي عملنا معهم محمد جمال وعائشة مطر وإبراهيم مطر، ونورة الشيراوي، وجار العمل والترتيب على تسجيل ذاكرة كل من عقيل سوار وعبدالله يوسف وأمل الدوسري والشيخة حياة آل خليفة وغيرهم، لأنهم شخصيات تتسم بالتجارب الثرية التي تسجل ذاكرة وطنية تستحق الحفظ، وهي موجودة جميعها على اليوتيوب، وهنا لابد من أن نثمن دور وزارة الإعلام في توثيق سير الشخصيات الهامة لأن الجهود بيننا تكمل بعضها بعضا".


مسئولية التوثيق..
 وعن أهمية التوثيق الذي يلامس مفاصل العمل في قطاع التراث والثقافة قالت الشيخة هلا: "يندرج عمل الهيئة كله ضمن جهود التوثيق، وهي مسئولية كبيرة نعمل على صونها، وقد أصبحت مكتبتنا عامرة بكتب التوثيق لتراث الوطن ونريد لها أن تزيد أكثر، لدينا أيضا مشروع النشر المشترك، ولدينا كتابا هاما يوثق مقتنيات الهيئة، وكتاب آخر يوثق مسيرة الفن التشكيلي في البحرين للدكتورة مها سلطان، إذا نتحدث عن مسارات مختلفة من التوثيق يهتم الأول بالمرئي والمسموع، والثاني بالكتب والنشرات، والثالث يتعلق بمجلة البحرين الثقافية، والآن نهتم بالحرف التي عادت إلى هيئة الثقافة، إذا كل عنوان نعمل عليه يحفزنا على توثيق العمل فيه".
 
عناوين ومتجددة..
وعن الأنشطة والبرامج التي تنظمها الهيئة قالت الشيخة هلا: "عملت في الهيئة لست سنوات، وأجد أنني أعمل ضمن رؤية واضحة، إذ يكون لدينا سنويا عنوان جديد نعمل من أجله، فهذا العام عملنا تحت عنوان "دلمون حيث الكثافة"، وكانت أغلب الفعاليات ذات صلة بمحور الكثافة، وستكون مشاركتنا بجناح البحرين في معرض اكسبو دبي بعنوان الكثافة، وسيكون عنواننا الجديد العام القادم هو "طريق اللؤلؤ" الذي سيتزامن مع انتهاء مشروع طريق اللؤلؤ، الذي باشرت هيئة الثقافة العمل به في العام 2012 ومن المؤمل أن يتم الانتهاء منه في العام 2021، وسنروج له في إكسبو دبي. كل هذا الإنجاز الثقافي سيعزز صورة البحرين وسيرسم مستقبلاً متغيراً في ملامحه، البحرين برقعتها الصغيرة لديها ثلاثة مواقع أدرجت على قائمة التراث الإنساني العالمي وهي قلعة البحرين ومسار اللؤلؤ وتلال مدافن دلمون، وسيدرج الفجري قريبا على قائمة التراث غير المادي ولدينا النخلة والخط العربي الذي أدرج على قائمة اليونسكو للتراث غير المادي".

وأكدت الشيخة هلا أن العمل لا يتوقف هنا "فلدينا مسابقات منها جليس المحرّق التي أطلقناها مؤخراً، كما لدينا مسابقة من وحي المحرق، ومسابقة ضوء وكرسي، فكل هذه الجهود ترسخ للحفاظ على مستوى لائق للثقافة لكي تكون جزءا من تكوين الإنسان، أيضا علينا الاهتمام بالتعليم والتأكيد على أهمية تجدد الأدوات لإيصال المعلومات، وفتح المؤسسات الثقافية لأكبر عدد من الناس فهو أفق النجاح للمزيد من العمل الثقافي المجدي، كما نسعى دائما لتعدد فتح الأبواب بشكل طبيعي قدر الإمكان، إذ نهتم بالوصول إلى الطفل والشاب وكبير السن".
 
حرف عصرية..
الثقافة والاقتصاد، يجمعهما رابط وثيق، وهذه العلاقة تتمثل كنموذج في مستقبل الحرف حسب وصف الشيخة هلا بنت محمد ، وقالت: "تعمل إدارة الحرف اليوم على إحداث مردود اقتصادي ملموس، وقد رفعنا توصية لأن يكون للحرفيين نسبة من البيع، فالحرفي في الكادر الوظيفي ليس لديه حوافز وترقيات، ولكننا حرصنا على دعم شعوره بأهمية المنتج الذي يصنعه، وهذا ما يعطي دافعا كبيرا للنجاح في العمل، أيضا لدينا مشروع "صنع في البحرين"، وهي مبادرة لتطوير الحرف، إذا علينا فتح أعين الحرفيين على عالم آخر فيه مراعاة لتطور الأذواق والألوان، وبما يحقق الإضافة العصرية على المنتج الحرفي لكي يكون قابلا للاستخدام في زمننا المتطور والمتجدد.. كما نهتم بإضافة المواد المختلفة على الحرفة، لإيجاد منتج جديد ومختلف".

وختمت الشيخة هلا بنت محمد حوارها بالتأكيد على مستقبل الثقافة الجميل وقالت: "يرتبط مستقبل الثقافة بالعمل وفق رؤية معالي الشيخة مي بن محمد آل خليفة رئيس هيئة الثقافة والآثار التي تتميّز بمشاركة القطاعين العام والخاص، وهنا نذكر مشروعها الضخم وهو الاستثمار في الثقافة، فهذا المشروع الكبير جمع المؤمنين بأهمية الثقافة ونظم بين جهودهم، وبهذا نكون مقبلين دائما على الأجمل والأكثر في العمل الثقافي، معولة على بدء النشاط من جديد مع استقرار الأوضاع الصحية في ظل جائحة كوفيد 19 التي تضيق الخناق على العمل الثقافي ولكنها لا ولن توقفه".