لقد شكل المربون على مر السنين الدعامة الأهم التي خرجت أفواجا من المبدعين والقياديين، فلم يقتصر دورهم على تقديم المحتوى إلى المتلقين بصفتهم محاضرين، بل تجاوزوا ذلك بتمثلهم الخصال الحميدة والقدوة والنموذج والصفات الكريمة، حيث وثق بهم المجتمع وأسند لهم مهمة إعداد وتكوين الأجيال.
يقول نيكولاي ريريخ “دور المربي في إعداد الجيل الفتي يفوق دور رجال السياسة، لقدرته على تغيير قناعاتهم وآرائهم في الدولة والمجتمع، والتأثير في مشاعرهم وأحاسيسهم”، نعم... لا يمكننا أن نتحدث عن التربية دون أن نتحدث عن المربي والدور المهم الذي يقوم به، فللمربي من الفضائل ما لا يمكن عده، وله من الإشعاع والنفوذ الأدبي ما يجعل منه مثالا يحتذى به.
وعندما تتساءل الأجيال المتعاقبة عن السر الذي صنع هذه المكانة الكبيرة للمربين في المجتمع، فإن المتخصصين في شؤون التربية يشيرون دائما إلى الصفات العظيمة للمربين التي جعلتهم منارات يهتدي بها النشء، حيث كانوا على جانبٍ عظيم من الخُلق الحسن، والخصال الجميلة، والفعال الكريمة، وتحلوا بالفضيلة، وحسن السيرة، والمعاملة الطيبة، حتى أثّروا في طلابهم علميًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا بإيجاد جو يمارس فيه الطلاب حرية التعبير والتفكير ومبادئ الحوار والنقاش.
نقطة أخيرة
لقد كانت الأدوار المهمة التي اضطلع بها المربون على مدى الحقب الفائتة تنطلق من كثرة الاطلاع والقراءة والبحث الذي اتخذوه منهجا لهم، وابتعادهم عن التعصب وقبولهم النقد البناء من أبنائهم الطلبة، بل وتشجيع قدراتهم الوجدانية والعقلية، حيث كان الهدف الأسمى لهم خلق قادة مستنيرين وتخريج أفواج من المبدعين.