العدد 4402
الإثنين 02 نوفمبر 2020
banner
“افتراسُ”... المُطلقات!
الإثنين 02 نوفمبر 2020

بدا من السهل نُطق مفردة “أنتِ طالق” في الوقت الحالي، بعد تعدُّد المُسبّبات المخبوءة بين الخيانة الزوجية والملل الزوجي، أو بين سهولة التغيير وإيجاد البديل، أو بين طغيان المادة وانتشار الأنانية، أو بين شيوع العنف والانشغال المتبادل، أو بين الافتقار للصّبر وتحمّل الأعباء، أو بين التّقصير في الواجبات المنزلية والحقوق الزوجية، حيث تجلّت آثار تلك المفردة ثقيلة على الأبناء الذين كثيراً ما يكونون عرضة للضّياع في منزلق المشاكل النّفسيّة العميقة التي يصعب انتشالهم منها من جانب، ومن جانب آخر تعميق منسوب الشقاق بين الطليقين، فضلاً عمّا تُغذيه نظرة المجتمع المُشينة لكليهما!

جاءت “شِرْعَة” الطلاق باعتباره حلا لعقد النكاح أو بعضه، في حالة محللّة و”مبغوضة” عند ضرورة إقامة المصالح أو العجز عن لزوم البقاء على الرباط المقدس؛ لعلّة تباين في الأخلاق أو تنافر بالطباع أو استيفاء للمقاصد في سبيل محو المفاسد المستشرية وتجنّب المكاره الدينية وإنفاد الشرور الدنيوية وإزالة المانع الملحّ الذي يرى كل منهما نفسه شاذاً وغريباً عن الآخر، فيما قد يطّلع أحدهما من صاحبه على ما لا يرتضيه من سلوك شخصي أو عيب خفيّ لا تتحقق معه مقاصد الزواج الخالصة واستحالةِ استمراره وسط أجواء التنافر التي طالت آثارها الاجتماعية المدمرة وتبعاتها النفسية الهادمة جميع المجتمعات بلا استثناء.

وبين هذا وذاك، تبقى المرأة “المُطلقة” الحلقة الأضعف – على حدّ رأي سواد القارئات الأعظم – بعد أنْ كانت ركناً أساسا في بناء أسري يفيض بالمودة والرحمة، وينتهي بها المطاف لأنْ تكون عرضة لحملات التشويه وسهام النظرات التي تنعتها بصاحبة السوابق حيناً أو ترميها فريسة لضعاف النفوس والدين حيناً آخر، دون أنْ يكون بمقدورها حماية نفسها من اضطهاد المجتمع المحيط الذي يُجرّعها مرارة “اللقبّ الجديد” بعدما توقفت بها سفينة الحياة تحت بوصلة التأويلات المضللة والتفسيرات الباغية التي عادة ما تقذفها بسموم سهامها الجارحة!.

نافلة:

من المؤسف، رَوَاج الزواج بين المجتمعات العربية والإسلامية على أنّه “سترٌ”، في حين أنّه يفتقر إلى الشراكة بين الزوجين؛ الأمر الذي صيرّه خاضعاً لـ “بعض” معايير المجتمع الصارمة ضد المطلقة في مواجهة حظها العاثر الذي يضطرها للبدائل المشوهة أو الحلول المُنتقصة التي أركنتها في زاويا النبذ الاجتماعي والديني، بعيداً عن اختياراتها الحقيقية ودرجاتها العادلة في الأمن والراحة، ودون أنْ تدفع فواتير اجتماعية ونفسية باهظة في ظروف مُحاطة بالتناقضات ومغلفة بالمتاهات، قد تُخفيها عن محيطها تارة أو تُزوجها لطاعن في السن تارة أخرى!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية