العدد 4404
الأربعاء 04 نوفمبر 2020
banner
أردوغان “امبراطورا” عثمانيا
الأربعاء 04 نوفمبر 2020

أجاد رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو بوصفه الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه أخطر من “فيروس كورونا” على تركيا وأنه وأسرته أكبر “مصيبة حلّت على شعبنا”، وحقيقة إنه أكبر مصيبة حلّت على هذه المنطقة كلها، وإلا ما معنى أنْ تصبح هذه الدولة، التي أخرجها مصطفى كمال أتاتورك من جلبابها العثماني وحوّلها إلى دولة علمانية، تتصرّف على أساس أنها استعادت أمجاد العثمانيين ومكانة امبراطوريتهم العثمانية التي من المعروف أنها انتهت نهاية مأساوية وأنها فقدت إلى الأبد ماضيها وحاضرها وتحوّل من بقي من رموزها إلى متسوّلين إنْ في بلدهم وإنْ في بعض الدول المجاورة وإنْ في العالم بأسره.

كان أردوغان قبل أن يصاب بـ “فيروس” العظمة السياسية ويتصرف على أنه “خليفة” الدولة العثمانية ووريث أمجادها عندما كانت في ذروة تألقها وقبل أن تنتهي تلك النهاية المأساوية في بدايات عشرينات القرن الماضي يستند إلى عدد من القامات السياسية والاقتصادية الفاعلة من بينهم بالإضافة إلى أحمد داود أوغلو الرئيس السابق عبدالله غول الذي وجه إلى “زميله” السابق انتقادات سياسية واقتصادية قاسية جداًّ وقال إنه يدير الدولة بالمؤامرات وتعديل الدستور على نحو متكرر، والمعروف أنّ غول وصلت خلافاته مع الرئيس الحالي كغيره من القادة الأتراك السابقين، خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى ذروتها.

وخلافاً لـ “علمانية” تركيا التي كان مصطفى كمال “أتاتورك” قد استبدل بها “عثمانية” كانت قد وصلت للانهيار والاهتراء وتحولت إلى عبء ثقيل على الأتراك وعلى هذه المنطقة كلها فإنّ رجب طيب أردوغان لم يكتف بتحويلها من النظام الديمقراطي إلى النظام الرئاسي، لا بل إلى النظام العثماني وعلى أساس أنه “أمير المؤمنين”، ولعل ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّ الرئيس التركي أصيب بهذه اللوثة الاستعلائية عندما اختير مرشداً أعلى للإخوان المسلمين وأصبح “ولياًّ فقيهاً” على غرار الولي الفقيه في إيران؛ أيْ يحق له ما لا يحق لغيره.

وهكذا فإنّ تركيا التي حولها أردوغان من “الأتاتوركية العلمانية” إلى “العثمانية” عندما كانت في أرذل مراحلها باتت تتدخل تدخلاً سافراً في شؤون إنْ ليس كل فمعظم دول هذه المنطقة من ليبيا “الجماهيرية” في أفريقيا إلى أقصى حدود العراق “كردستان العراقية” مع إيران وهذا بالإضافة إلى تدخله في شرقي البحر الأبيض المتوسط وبالطبع في سوريا وفي “ ناغورني كاراباخ” والتحشيد المتواصل لشنّ حرب على أرمينيا، على اعتبار أنّ أذربيجان جزءٌ من أملاك امبراطوريته العثمانية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية