العدد 4407
السبت 07 نوفمبر 2020
banner
روزي دياز
السبت 07 نوفمبر 2020

في مقابل النموذج العدائي المتحفز من الإسلام الذي قدمه مؤخرا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمواقفه وتصريحاته التي أثارت غضبا إسلاميا عارما ودعوات واسعة لمقاطعة البضائع والمنتجات الفرنسية أجبرت ماكرون نفسه على الإدلاء بتصريحات تصحيحية وتوضيحية لتهدئة المسلمين بتأكيده أنه لا يقصد الإساءة للديانة عندما قال إن الإسلام يعيش في أزمة، وإن انتقاداته موجهة لفئة متطرفة تستخدم الدين لارتكاب أعمال إجرامية، معربًا عن تفهمه لمشاعر المسلمين إزاء الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشددا في الوقت نفسه على أن حكومته لا تقف خلف هذه الرسوم.

مقابل هذا النموذج المتردد والمتناقض، قدمت الناطقة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روزي دياز، نموذجًا متصالحًا ومتفهمًا للإسلام، إذ نقلت في تغريدة لها مقولة للصحابي الجليل أبوبكر الصديق رضي الله عنه قال فيها “لا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه”.

مثل هذه “التغريدة” للدبلوماسية البريطانية تعد ردًا واعيًا يعكس اعترافًا بغنى وثراء الإسلام وعطائه في كل مجالات الحياة وأنه لا يقتصر على الشعائر والعبادات، إنما هو منهج حياة وقادر على إصلاحها ومعالجة أعقد مشكلاتها، فالمقولة التي نشرتها الدبلوماسية لأبي بكر الصديق جاءت بمناسبة انعقاد قمة العمل المناخي في المملكة المتحدة العام المقبل، حيث بها من الإرشادات والتوجيهات ما يعين على الحفاظ على البيئة ومواجهة ظاهرة تغير المناخ التي تهدد كوكب الأرض بأكمله.

المملكة المتحدة تقدم مثالا لحسن اختيار المسؤول ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، كما أن دياز مثال جيد للمسؤول الواعي والمنفتح على الجميع والقادر على صياغة خطابه وانتقاء مفرداته بعناية كبيرة، وهو أمر يدعم تقوية العلاقات بين بريطانيا والعالم الإسلامي بأدوات بسيطة وطرق سهلة لا تحمل مشقة ولكنها تتطلب فهمًا للإسلام وعدم اتخاذ موقف عدائي مسبق ودائم منه.

الكثير منا قد يخجل أو يخشى الاستشهاد بمقولات الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، لأنه قد يتهم بالتحجر الفكري وعدم مجاراة العصر، إلا أن روزي دياز أقدمت على ذلك بكل اقتناع بقيمة ما تقدمه للعالم أجمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية