تكسير أسعار ومنافسة غير متكافئة بين المواطنين و ”الفيزا المرنة”
قطاع النقل إلى طريق مجهول جراء منافسة الأجانب
يعاني قطاع النقل البحريني من صعوبات كبيرة بسبب بعض الممارسات في السوق والتي أدت إلى حرب أسعار معلنة من دخلاء أجانب على هذا القطاع بطريقة غير قانونية أو حتى بطرق تتحايل على القوانين، الأمر الذي جعل القطاع يعاني من ركود ويدخل في دوامة لا تعرف نهايتها. وتسبب تفشي فيروس “كورونا” بصعوبات كبيرة لقطاع النقل أظهرت بشكل واضح حاجة القطاع لمزيد من الرقابة على ممارسات بعض الأجانب غير القانونية والتي تضر بكثير من العاملين المواطنين في قطاع النقل بمختلف أنواعه.
أجانب يقدمون خدمات النقل بنصف سعر البحريني
يقول فرحات البنوظة من جمعية النقل والمواصلات البحرينية، إن وضع السوق بات في موقف لا يحسد عليه ويتطلب تضافر جهود الجميع، موجها الشكر إلى وزارة المواصلات والاتصالات التي تنسق مع جمعية النقل والمواصلات البحرينية لوضع حلول ناجعة.
ويلخص فرحات ما يحدث أن هناك تحالفات يقوم من خلالها بضعة أجانب بالتشارك في مبلغ وشراء شاحنات قديمة ثم يقومون بمنافسة الشركات البحرينية سواء عبر نقل الحاويات في الميناء أو في أعمال النقل الداخلية والخارجية بأسعار تقل بكثير عن سعر السوق وهو ما لا تستطيع الشركات المحلية التي تعمل بصورة نظامية في السوق من مجاراته خصوصا أنها تعمل وفق الأصول وبتكاليف لا يتحملها أولئك الأجانب.
وتابع فرحات أن “الظاهرة اتضحت بشدة في السنوات الأخيرة خصوصا مع إطلاق (الفيزا المرنة) التي سهلت على الكثير من هؤلاء الخروج من شركات النقل وعندهم جميع أسرارها والزبائن ويقومون بمعية أجانب آخرين بالعمل في السوق بما يهدد أعمال الشركات التي قامت بتوظيفهم والشركات الأخرى التي تعمل بصورة احترافية”.
وقال إن الفرق شاسع بين الأسعار التي يقدمها الأجانب وبين الأسعار التي تقدمها الشركات الوطنية التي عليها التزامات مثل رسوم الرخص التجارية والكهرباء وإيجار المكاتب والتأمينات وغيرها.
وأضاف “للأسف بعض التجار لا يدركون خطورة التعامل مع هؤلاء الأجانب الذين يديرون العمل، فقد تكون البضائع المستوردة من الخارج تكلف التاجر مبالغ كبيرة لجلبها للبحرين ثم يوفر بعض الدنانير لنقلها من الميناء إلى مخازنه لتوفير بعض حفنة دنانير، خصوصا أن بعض الأجانب لا يقومون بتأمين الشاحنات ضد أخطار قد تصيب البضاعة التي هي ملك للتاجر، إذا حدث حادث وخسر التاجر بضاعته فلن يكون هناك من يعوضه، لكن هناك شركات تدرك هذا الأمر وتطلب الجودة”.
الاهتمام بالسعر وليس الجودة والسلامة!
ويشير البنوظة الى أن أجانب من غير سجلات أو عبر شاحنة يسجلها لأحد السجلات بحيث تصبح نفس الإيجار، ويدخلون على التجار ويطلبون النقل بأقل الأسعار، مضيفا “بعض الأجانب مثلاً يقومون بتوصيل شحنة إلى الرياض بنحو 160 دينارا في حين أن الكلفة لدى الشركات تبلغ 220 دينارا، والشركات العالمية تسأل عن الجودة أولاً قبل طلب عمليات النقل، ولكن البعض يسأل عن السعر ولا يرى أسطول الشركة وعوامل السلامة”.
وأوضح البنوظة أن تضافر جهود كل من وزارة المواصلات وهيئة سوق العمل والإدارة العامة للمرور وجمعية النقل والمواصلات والعاملين في القطاع من شأنها أن تحد وتوقف بعض هذه الممارسات، إذ إن الشركات على علم بمن يقومون بذلك عبر حملات المراقبة. وأكد البنوظة في ختام حديثة أن “وزارة المواصلات تقوم بعمل ومتابعة مستمرة مع جمعية النقل والمواصلات وهو جهد تشكر عليه”.
أما المدير العام لوكالة البستكي للتخليص، عبدالغفار البستكي، الذي هو على اطلاع وثيق بالتخليص وحركة النقل خصوصاً من الميناء، فيشير إلى أن كثير من الأجانب يخرجون من شركاتهم والبعض منهم يحول إقامته لـ “الفيزا المرنة” والبعض يستأجرون شركات بالباطن والبعض يقدم خدماته كأفراد دون أن يمتلك سجل تجاري. وأكد البستكي أن أسعار الأجانب تصل إلى النصف مقارنة مع الشركات البحرينية، مشيرا إلى أنه يأتيه شخصيا من الأجانب من يعرض عليه خدماته بأسعار زهيدة.
واقترح البستكي أن تقوم وزارة المواصلات بالتنسيق والتعاون مع الإدارة العامة للمرور بحملة تفتيش على الشاحنات والتأكد أن من يقود الشاحنة فعلا مسجل لدى السجل التجاري الذي يملك الشاحنة، داعيا إلى وقف التعامل في الميناء مع من يؤجر سجله بالباطن للأجانب، خصوصا مع عدم تكافئ المنافسة بين الطرفين حيث تتكلف الشركات إيجارات مكاتب وسجلات ومصاريف مختلفة.
وقال إن دخول الأجانب بصورة عشوائية في قطاع النقل تزايد بشكل كبير، إذ تقوم مجموعة مكونة من أقل من 10 أشخاص بشراء شاحنات والمنافسة في السوق.
وحذر البستكي من استمرار الوضع والذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة في القطاع نفسه وعلى التاجر الذي يتعامل مع هذه العمالة الأجنبية، وفي أبسط مثال يمكن أن تسرق البضاعة أو أن يكون هناك حادث ويخسر التاجر بضاعته والسبب عدم التعامل مع شركة معروفة.
ولا تقتصر المنافسة الأجنبية غير المتكافئة بجميع الطرق الغير قانونية أو عبر الالتفاف على القوانين والأنظمة على النقل الداخلي والخارجي بالشاحنات فحسب، كما يشير عضو جمعية النقل والمواصلات البحرينية وصاحب مؤسسة النصيف للمقاولات، هاني النصيف والذي يعمل في السوق منذ سبعينات القرن الماضي في نقل الرمال والدفان وبيعها. ويوضح النصيف أن الأجانب من العمالة الغير قانونية “مخربين السوق” عبر غطاء بسجل تجاري أو عن طريق “الفيزا المرنة”، إذ يشترون شاحنة ويسجلونها على أحد السجلات.
تعامل في الرمل المغسول الرديء
ويشير النصيف أن الأجانب مثلا عند تزويدهم لمواد الدفان والرمل المغسول للمنازل الأهلية والمشاريع السكنية يطلبون أسعارا تقل بكثير عن الشركات التي تعمل بمستوى جودة معروف، فمثلا المؤسسات تطلب 4 آلاف دينار للدفان في حين يطلب الأجنبي 2500 دينار، وتكون مواد الدفان والرمل المغسول عنده رديئة وتفتقر للجودة ومواصفات وزارة الأشغال مما يتسبب بمشكلات كبيرة لأصاحب المنازل والمشاريع بعد اكتمال البناء من تشققات وتصدعات، وينسحب ذلك على المقاولات.
وأوضح أن العمالة غير القانونية و “الفيزا المرنة” تسببت بمشكلة كبيرة لقطاع النقل خصوصا السائقين أصحاب رخص المركبات الثقيلة، إذ أصبحوا ينسحبون من الشركات ويعملون بشكل منفرد وأصبحت قدرة الشركات البحرينية على الالتزام بالعقود ضعيفة.
ودعا النصيف وزارة المواصلات إلى التنسيق مع الإدارة العامة للمرور وهيئة سوق العمل لمراقبة ومنع “الفيزا المرنة” وغير النظامية من ممارسة نشاط النقل.