+A
A-

مسرح خالد الرويعي.. ألوان باهرة عميقة من الحكمة الإنسانية

خالد الرويعيعندما نتحدث عن الفنان خالد الرويعي، فإننا نتحدث عن عالم معروف في المسرح يضاهي عوالم الكبار الذين أعطوا المسرح شخصيته واستقلاله، وكل مسرحية يقدم على إخراجها بحماسه المعهود وإخلاصه تكون بمثابة صرخة درامية ثورية في عالم المسرح؛ لأنه يوظف كل الطاقات الممكنة لإعطائه صورة جمالية رائعة ويرسم واقعا ويحلله بذكاء. ويتضح ذلك جليا في المسرحيات التي أخرجها، ومنها على سبيل المثال "تلك الصغيرة التي تشبهك"، "تلعبان"، "محاكمة جان دارك"، "ثلاث بنات حريم"، وغيرها من المسرحيات التي أعطتنا شكلا مبهرا وفكرا تقدميا أصيلا؛ لأن الرويعي "مخرجا" لا يرتاح إلى الممثل الذي يتحدث بأي شيء، كما لا يرتاح إلى الممثلين الذين يؤدون أدوارهم ملقين الحوار وكأنهم حول مائدة طعام شهية، حيث لا تظهر من أحاديثهم الحروف أو رنينها. كما أنه لا يجد مبررا لإعادة بعض الكلمات مما لم يرد في النص، وهو ما دأب عليه بعض الممثلين دون سبب، وهو يبغض طريقة الضغط الشديد على بعض الكلمات وكثرته الذي يؤدي في النهاية إلى الضغط على كل معالم الدور إنْ لم يلاحظ الممثل نفسه ويحاسبها، ويكره الممثل الذي يتحدث بصوت واحد ممل لعشر دقائق مثلا ثم يحس ذلك فجأة، فيرفع صوته فجأة أيضا ويسرع من الرتم دون ما حاجة خاصة في نهايات الفصول ليستحوذ على تصفيق الجمهور.

كما أن الرويعي بارع جدا ويتميز عن غيره من أبناء جيله في رسم الحركة على المسرح بإطار جماعي مليء بالعفوية والحياة، ويخلق الدور خلقا صحيحا يؤثر في المتفرج، فعندما نشاهد الشخصية على المسرح نشعر بأن أفعال المثل مرسومة أمامنا قبل أن يتحدث، وهذا يذكرنا بمدارس فن التمثيل الضخمة وتياراتها عبر التاريخ كمدرسة ستانسلافسكي، ومدرسة غروتوفسكي الذي قال ذات يوم "أريد نقل العقل للقلب".

المسرحيات التي يقدمها الرويعي فيها التغلب على الضعف الإنساني في التطلع والكشف، ودائما يمنحها أبعادا وراء أبعادها المترامية، وكأن المسرح عنده يلخص التجربة الإنسانية ويقدم خلاصها الأخيرة، ألوان باهرة عميقة من الحكمة الإنسانية تلك التي يقدمها لنا مسرح خالد الرويعي، انطلاقه إلى آفاق أخرى واسعة من التجارب الإنسانية الكبيرة