العدد 4410
الثلاثاء 10 نوفمبر 2020
banner
مخرجات التعليم في خطر
الثلاثاء 10 نوفمبر 2020

وقد ثبت ذلك خلال العقود السابقة، فمخرجات التعليم في خطر لأنّه ببساطة لم يتم حصاد ما تمّ حرثه في الهيئات والمنشآت التعليمية بنفس النسبة أو على الأقل قريبا منها، فإذا ما فرضنا أنّ الحرث في الأجيال التي سبقتنا منذ الولادة أي التنشئة، إلى التخرّج من الجامعة أو ما يشابهها والانخراط في سلك العمل في الحكومات والمؤسسات الخاصة هو بنسبة 100 %، فإنّ ما تمّ حصاده من إنتاجية تلك الأجيال هو 40 % افتراضا وعلى وجه التفاؤل!

وبهذا، فإنه بالإضافة إلى استنزاف موارد الدولة الماديّة والبشريّة في عملية الحرث التعليمي التي من المفترض أن تكون مخرجاتها على الأقل 90 إلى 95  %، فإنّ هناك نظرة شمولية لهؤلاء الأفراد الناتجين من محصلة تلك العملية الطويلة التي تأخذ قرابة 25 سنة مثلا إن كان الفرد الناتج طبيبا عاما! من تنشئته الأسرية إلى جلوسه في عيادة مستوصف أو مستشفى فور تخرجه!، وتلك النظرة الشمولية هي في مدى إبداع وسعادة ذلك الفرد المنتج، وبالتالي انعكاس ذلك على صحته التكاملية النفسية والجسدية، وتوازن حياته على جميع الأصعدة، ورفاهيته وشبابه المتجدّد.

ولنا في ذلك حديث تفسيري علمي عميق، وما الذي يجعلنا لا نسمح لأنفسنا بالتبصر في عمق ذلك الأمر الذي هو أصل بناء المجتمعات، والذي فيه بناء الأفراد المكوّنين للمجتمعات! فمستوى الوعي الذي يصل إليه السابقون في المجتمع ينعكس على اللاحقين في نفس المجتمع، ذلك الوعي الذي هو في الوقت الراهن على شكل دائري، والمفترض أن يكون على شكل حلزوني استعدادا للمرحلة المقبلة من طور أعمق وأرقى من التطوّر الجسدي البشري والبرمجي، إلى التطوّر الفكري الإنساني الذاتي الذي يميّز كل فرد مبتكر في مجاله الذي خلق من أجل التعمير فيه، لا التعمير في مجالات الآخرين بالبرمجة والعمل الجبري دون إدراك من الفرد، ودون إدراك من الآخرين المشاركين والمبتلين في نفس الدائرة!

فمخرجات التعليم في خطر، لأنه مازال قائما على برمجة التلقين في المواد الموضوعة على الطاولة والتي من المفترض أن يفقه فيها جميع الطلبة، ومخرجات التعليم في خطر لأننا مازلنا لا ندرك ماهية الإلهام وتكوين العقل كوعاء أفكار ليس إلاّ! ومخرجات التعليم في خطر لأننا مازلنا نبحث عن الحلول في الخارج وهي كامنة في دواخلنا العميقة! وأخيرا، مخرجات التعليم في خطر لأننا نعيش في تنافس مع الآخرين فيما يبدعون فيه فأصبحنا نتسابق مع الزمن، ولا ندرك أننا إن اكتشفنا ما نبدع نحن فيه يصبح الزمن لا زمن، لأننا ننطلق في بعد التجلّي. لا لوم في أنّ ما نحن فيه من مخرجات تعليم في خطر، لكن يقع اللوم عندما يعي من تكمن في داخله قيمة التعليم المحب، بأنّ تلك المخرجات مهدّدة بفناء البشرية بتدمير أكبر وأشمل ابتداء من الأرواح التي فيها القيم العليا الذاتيّة أي قيم الحياة، التي على أبنائنا اكتشافها من الآن، وعلى القائمين على المناهج وطرق التدريس أن يغيّروها على أساس القيم العليا، وعلى القائمين على القبول في الجامعات والمعاهد التنبّه لمقياس القبول الحقيقي القائم على القيم العليا بعدما أثبتت امتحانات القدرات والدرجات وعدد المقاعد فشلها.

ذلك الذي بدوره ينعكس على الجسد بتوازنه الداخلي وخلوّه من الضغط العصبي المزمن، والذي هو آفة المجتمعات لعدم إدراك أفراده غاية وجودهم وأهدافهم السامية، ذلك بسبب عدم إدراك من قام على تنشئتهم من أولياء الأمور والمربين ومن علمهم من معلمين وقائمين على التعليم، عدم إدراكهم قيمة الفرد المجتمعية والإنسانيّة، لأنهم لم يدركوا قيمهم العليا أولا!

دعوة إلى التبصر في ذواتنا وفي أبناء المستقبل الأعزاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية