+A
A-

رؤية الراحل الكبير لتعزيز الاستقرار إقليميًا وعالميًا

وضع فقيد الوطن الكبير المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه، تسخير الجهود العالمية من أجل أن تنعم الشعوب بالاستقرار والسلام في مقدمة اهتمامته، وخصوصًا على صعيد الوطن العربي والإسلامي، فكان رحمه الله مؤمنًا بالتضامن العربي والإسلامي الذي يقود هذه المنطقة إلى أعلى مراتب التنمية في ظل بيئة آمنة ومستقرة فهذا التعاون هو السبيل الأمثل لدرء المخاطر التي تحدق بالمنطقة، والطريق الأسلم والأنجح لوقف التدخلات في شؤون دول المنطقة.

وفي إطار رؤى فقيد الوطن لتعزيز الاستقرار إقليميًا وعالميًا، فإن الحفاظ الأمن والاستقرار لم يعد من بين خيارات متعددة بل ضرورة تفرضها التحديات الأمنية والاقتصادية العالمية التي تحدق بالمنطقة بأشكال وصنوف متعددة، ذلك لأن استهداف هذه المنطقة ومحاولة تقويض استقرارها لم يتوقف يومًا، وعلى الجميع الحذر والتمسك بعروة التعاون والتآخي فهي سبيل النجاة والخروج من هذه التحديات بسلام دونما أن تتأثر شعوبنا سواء في تنميتها أو أمنها، وأن حكمة قادة الدول العربية ستقوي منظومة التعاون العربي وستجعلها أكثر قدرة ومنعة في مواجهة الأخطار وفي مقدمتها الإرهاب، والعمل على تطوير العمل العربي المشترك للتغلب على كل التحديات التي تواجه أمتنا العربية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها المعاصر.

مرتكز بناء المستقبل

هناك العديد من الدلالات، أحدثها خطاب سموه رحمه الله في التاسع والعشرين من شهر سبتمبر 2020، أمام منتدى "رؤى البحرين.. رؤى مشتركة لمستقبل ناجح"، حيث برزت دعواه، طيب الله ثراه، للمجتمع بأن يكون أكثر إيجابية وقوة في مواجهة ومعالجة مسببات زعزعة الأمن والاستقرار، وأن تكون منظومة العمل الجماعي قادرة على إرساء أسس سلام دائم يوفر للدول الظروف التي تمكنها من استكمال مسيرتها على صعيد التنمية لصالح شعوبها، وفي الوقت ذاته، تأكيد التزام مملكة البحرين بقيادة ملك البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بالعمل على مساندة جهود المجتمع الدولي للمضي قدمًا نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، باعتبارها مرتكزًا مهمًا لبناء مستقبل أفضل تنعم فيه شعوب العالم بمتطلبات الحياة الأمنة والمستقرة.

ويتجلى الهدف واضحًا من هذه الدعوة بحيث تكون تلك الآليات نسقًا مرجعيًا لكل جهد يصب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويدعم خطوات الدول والشعوب نحو رفاه الإنسان في كل مكان، أما مرئيات ومواقف سموه بشأن أوضاع العالم العربي والإسلامي، فكان رحمه الله  يرى أن المنطقة تخوض معركة مصير، ونحن نشهد أحداثًا جسامًا وتطورات عربية واقليمية، ونرى أن إنقاذ منطقتنا من كل ما يحدث فيها هو أن يتم التعامل معها بحكمة، وأن تكون المصلحة الوطنية ومصالح العرب العليا هي المحرك لنا جميعًا، وأن نستعيد قدرتنا على الفعل والتحرك الجماعي لحماية دولنا وتأمين مستقبل شعوبنا.

توظيف الطاقات للتطوير

وتتطلب المرحلة الراهنة جمع الكلمة والعمل من أجل استقرار دائم، وأن تعمل دول مجلس التعاون على التعاطي مع كل مرحلة بما تتطلبه مسيرة المجلس، والنأي بدوله عن أية أخطار وتحديات تهدد دول المنطقة في أمنها واستقرارها، وتوظيف كافة الامكانات والطاقات نحو التطوير والبناء والتنمية، فنحن نمر بوقت دقيق يستوجب المزيد من التشاور والتنسيق، وأن يكثف قادة دول المجلس من لقاءاتهم في ظل العمل الخليجي المشترك، وإيجاد صيغ جديدة للعمل تتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية التي تشوبها تطورات وظروف دقيقة وبما يسهم في تحقيق أهدافنا في الأمن والاستقرار والنمو، وإن ثقتنا لكبيرة في ظل القيادة الواعية والحكيمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في العمل الجاد ومضاعفة الجهود في استمرارية التنسيق والتشاور في مختلف المجالات بما يعزز من جهود دول المجلس على صعيد التنمية ويحفظ لها الأمن والاستقرار.

سمات مجتمعاتنا العربية والخليجية

وبعمق، يشدد الراحل الكبير على أن في كل مرحلة من مراحل عملنا الوطني، علينا أن نستعيد من تاريخنا الكثير من المشاهد والأحداث لنستلهم منها الدروس والعبر وتكريس الأمن والاستقرار في بلداننا من أجل مزيد من الرخاء والازدهار، ولكن فوق ذلك فإن الآمال ستظل تراودنا في رؤية عالم عربي موحد، وهذا يتطلب بذل مزيد من الجهد للوصول إلى ما نتطلع إليه، فهناك من يتدخل ويسعى لإشعال النيران في مجتمعاتنا واشغالنا عن البناء والتنمية، وأن المخطط على هذا الصعيد يستهدف الجميع ولن يستثني أحدًا، وأن ذلك يتم تنفيذه بشكل مرحلي بحيث ينتقل من بلد إلى آخر تباعًا، لكن يجب أن يكون لدينا الوعي والايمان القوي بقدرتنا على التصدي لأية محاولات تستهدف أمننا واستقرارنا، وتعايشنا السلمي الذي كان وسيظل وسيبقى دائمًا من أهم سمات مجتمعاتنا الخليجية والعربية.

ثوابت السياسة البحرينية

والرؤى التي يطرحها سموه هي من ثوابت السياسة البحرينية التي تدعم كل جهد يستهدف تعزيز أواصر التضامن العربي والارتقاء بمستوى التنسيق والتشاور بين الدول العربية من أجل بلورة رؤى مشتركة بشأن قضايا وأزمات المنطقة المختلفة، إيماناً منها بأن ذلك هو أفضل سبيل للتصدي للتحديات والمخاطر التي تهدد أمن المنطقة، وهو ذاته المنهج في التعاطي مع قضايا المجتمع الدولي والعمل على تحقيق رخاء الشعوب في كل مكان في العالم.