العدد 4415
الأحد 15 نوفمبر 2020
banner
البحرين كلها تبكي
الأحد 15 نوفمبر 2020

نعم.. البحرين كلها تبكي لفقدان هذه الشخصية الاستثنائية المرموقة عالميًا، إنه فقيد البحرين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه وغفر له وأسكنه فسيح جناته... هذه الشخصية الفذة بكاريزما متميزة في إدارة الحكم منذ عام ١٩٧١، حيث يتفق معي الجميع بدون استثناء بأن الفقيد الغالي لا يكفيه مقال وبهذه المساحة الصغيرة، فسموه يستحق كتابًا أو سلسلة من الكتب لتغطية ما حققه من إنجازات لا تعد ولا تحصى، فقد كان سموه عامل استقرار للحكومة وكان مطلعًا على أدق تفاصيلها، فمن اطلع على سيرته الذاتية والمناصب التي تولاها يدرك تمامًا أن بصماته كانت واضحة وجلية في كل موقع، حيث إنه كان يتمتع بالحنكة والدراية والكفاءة وكان مفتاحًا لصناعة المستقبل المشرق للبحرين.

ففي عام ١٩٥٤ عين سموه ضمن لجنة الإيجارات لدراسة مشكلة الإيجارات بعد الانتهاء من الحرب العالمية الثانية، وتم تعيينه عضوًا في مجلس المعارف عام ١٩٥٦ ومساهماته في النهوض بواقع الحركة التعليمية حيث أصبحت البحرين تحتل موقعا رياديًا على مستوى الخليج، كما عين سموه عام ١٩٥٧ رئيسًا لمجلس المعارف واستطاع رسم سياسة تعليمية متكاملة، ما انعكس إيجابًا على مخرجات التعليم المدرسي والعالي، وفي عام ١٩٥٧ عين سموه عضوًا في لجنة الكهرباء وذلك لوضع السياسة الخدمية المناسبة لتوصيل الكهرباء لمختلف أنحاء البلاد، كما تم تعيين سموه رئيسًا للمالية عام ١٩٦٠ وترك أثرًا بالغًا في رسم المسيرة التنموية والاقتصادية.

وكان تعيين سموه رئيسًا لبلدية المنامة عام ١٩٦٢ إضافة للعمل البلدي بتوفير أفضل الخدمات للمواطنين، وعين سموه رئيسًا لمجلس النقد عام ١٩٦٤، وقد أوكل له إصدار عملة وطنية بحرينية حيث تمكن من تحقيق ذلك في فترة قياسية، كما أوكلت لسموه عام ١٩٦٥ مهمات إصدار التصاريح للأجانب والإقامة والهجرة، وفي ١٩٧١ وبعد حصول البحرين على استقلالها، عين سموه رئيسًا لمجلس الوزراء، ورئيسًا لمجلس الدفاع الأعلى في ١٩٧٣، وفي عام ١٩٨٠ عين رئيسًا للمجلس الأعلى للنفط، وفي عام ١٩٨٢ رئيسًا لديوان الخدمة المدنية، وفي عام ٢٠٠٠ رأس سموه المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية.

ما أود أن أبينه هنا للقارئ أن سموه وعبر تلك المحطات الطويلة والمتعددة اكتسب خبرة واسعة وحنكة ودراية تعتبر كنزًا في مجال إدارة الحكم، وبصراحة شديدة إن تلك الحقبة التي سبقت الاستقلال وحتى بعده لم تكن يسيرة، فقد تطلبت عملا دؤوبا وشاقا وجهودا جبارة لتحقيق أهداف الحكومة خصوصا في ظل شح الإمكانيات والموارد.

وبعيدًا عن إدارة سموه الفذة للأزمات التي عصفت بالبحرين والتي تحسب له بسبب الكاريزما والشخصية القوية التي كان يمتلكها، فسموه كان صاحب قلب كبير وعطوف على الجميع، حيث كان متابعًا لكل صغيرة وكبيرة وكل ما يهم المواطن ومتابعًا لكل ما يكتب في الصحف المحلية، وكان كثير السؤال عن الناس في جميع مناطق البحرين، والجميع يعلم أنه كان بشكل مستمر يوجه وزراءه في الحكومة بضرورة النزول إلى الشارع وتلبية احتياجات الناس وكذلك متابعة كل ما يكتب وتقبل النقد، أما عن مجلس سموه العامر، فهو مدرسة بحد ذاته حيث يتشاور مع الحضور الذين يعتبرون من جميع شرائح المجتمع البحريني.

ختامًا... دعواتنا بأن يسبغ على صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد ثياب الصحة وطول العمر ويعينه على تحمل المسؤوليات المناطة به وسموه أهل لها، فهو بلاشك خير خلف لخير سلف تحت ظل قائد نهضتنا مليكنا المفدى، حفظه الله ورعاه.

اللهم ارحم سموه بواسع رحمتك وأسكنه فسيح جناتك يا أرحم الراحمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية