العدد 4419
الخميس 19 نوفمبر 2020
banner
"بارك الله فيكم".. حين يقولها الفقيد الكبير "خليفة بن سلمان"
الخميس 19 نوفمبر 2020

لهذه الصورة التي تعود إلى العام 2007 والتي تجمعني مع فقيد الوطن الكبير المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، أكثر من حكاية.. تبدو الصورة قديمة أليس كذلك؟ لكن مضامين كبيرة تحتويها في لقاء قصير مع الراحل الغالي رحمه الله سأتحدث عنها فيما يلي من الأسطر، لعل "أكثر من حكاية وحكاية" ليس في تفاصيلها أي جديد من مناقب فقيد الوطن، لكنها في كل تفاصيلها تنبض بأعمق المعاني الوطنية والإنسانية.

 

لغة الحزن والدعوات

قبل سرد حكايا الصورة، هنالك "حكاية" هي من أروع وأجمل وأصدق "الحكايا" تقول فيما تقول :"أشعر أن صدري مقبوضًا! تملكتني حالة من الحزن والأسى واللوعة والدموع.. يراودني البكاء بين حين وحين".. تلك عبارات سمعتها وربما سمعها من مواطنين.. أناس بسطاء من عامة أبناء البحرين، لعلهم لم يلتقوا يومًا بفقيد الوطن الغالي "أبا علي"، لكن حكاياتهم هي صدق المشاعر وعمق المحبة التي يحملونها في قلوبهم لسموه رحمه الله، لهذا، تتحدث لغة الحزن والدعوات الصادقات على ألسنتهم، لأنهم أحبوه مثلما أحبهم وما التقى بهم أو التقوا به.. هي أعلى مراتب الوفاء حين ترتفع الكفوف بالدعاء لمن غادروا هذه الدنيا وبقي أثرهم في الأرواح والقلوب.

 

الوطن الكريم بقيادته وشعبه

ماذا عن حكايا الصورة؟ أعود إلى العام 2007، وفي ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان المبارك، وكان رحمه الله – كعادته النبيلة الطيبة – في زيارة للمجالس الرمضانية ومنها مجلس الحاج أحمد منصور العالي حيث التقيته مع عدد من الزملاء لحظة مغادرة المجلس.. ثمة ميزة يعرفها الجميع عن "خليفة بن سلمان" ألا وهي إن رآك مرة فلن ينساك، ولأنني كنت أرتدي قميصًا وربطة عنق.. بادرني بالقول مبتسمًا :"يا ولدي تركت الثوب والغترة؟ كيف أمورك وأمور عيالنا الصحفيين؟"، فأجبت سموه بأننا جميعًا بخير ونحمد الله على نعمه العظيمة في هذا الوطن الكريم بقيادته وشعبه، وبدأت أولى الحكايات حين قال رحمه الله :"بارك الله فيكم سلمكم الله.. أنتم عيال البلد ودوركم كبير ونحن نقدر دور الصحفيين والإعلاميين لما يقومون به من عمل لخدمة بلادهم، ونتطلع دائمًا إلى دور أكبر وخطاب إعلامي بحريني يواجه كل الحملات المغرضة ضد البحرين والدفاع عن مصالح هذا الوطن".

 

المتابعة وإيجاد الحلول

أما الحكاية الثانية، فهي حكاية "هموم الناس وقضاياهم"، فكان رحمه الله يوصي دائمًا بنقل الصورة الحقيقية لمعاناة المواطنين، والحق، أنه منذ بدأت العمل في الصحافة أواخر الثمانينيات، وجدت من ديوان سموه طيب الله ثراه، الأبواب المفتوحة، فكثيرة هي قضايا المواطنين التي أوصلتها إلى معالي الشيخ خالد بن عبدالله، نائب رئيس مجلس الوزراء، وتابعت الكثير مع الأخ الكريم سعود العواد الذي يغمرنا بحرصه على المتابعة وإيجاد الحلول، ولك أيها القاريء الكريم أن تشاهد لحظة الالتقاء بسمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الوزراء، في مجلس أو على هامش مؤتمر أو فعالية، إلا ويغمرك بالتحية ولا ينسى أن يسألك عن "الأمور"، وبالطبع، أولى تلك الأمور هي شؤون المواطنين.

للصورة القديمة العزيزة على قلبي حكاية ثالثة وهي امتداد لعطاء وبذل وجهد الراحل الكبير سمو الأمير خليفة بن سلمان، أنعم الله عليه بأعلى درجات الجنان، من أجل الوطن والمواطنين، فكان يتبادل الأحاديث مع الشخصيات والحضور في كل مجلس يحضره، ويسألهم عن قضايا أو مشكلات هي حاضرة في اهتمامه، فيعبر عن راحته لانتهاء مشكلة "حظور المالكية"، ويبشر عن مشروع إسكاني جديد، ويعد أبناءه العاطلين بمزيد من فرص العمل، ويوصي رجال الأعمال والمستثمرين بالاعتماد على الكوادر الوطنية، وهكذا يأتي سيل من "الملفات" التي لم يتوانى رحمه الله عن متابعتها أولًا بأول حتى آخر فصل من فصول حياته الحافلة بالإنجاز.

 

الصورة الملأى بالحب

كان في ذلك المجلس كما أتذكر، المغفور له بإذن الله سماحة العلامة المرحوم الشيخ أحمد بن خلف العصفور، طيب الله ثراه، وكان سموه رحمه الله يتبادل الحديث "المازح" بينه وبين الحاج أحمد منصور العالي فأشاع في المجلس بهجة بالقول :"الشيخ أحمد العصفور صديق عزيز على قلبي، وحتى "الشيخ" أحمد منصور العالي"، هذه اللحظة، وهذه الصورة المليئة بالمحبة الصادقة، هي لب "حكاية" المواطن البحريني البسيط الذي "انقبض صدره وأحزنه رحيل قائد أحببناه"، هو أمر الله وإرادته ومشيئته، ونؤمن بقضاء الله وقدره، إلا أن الحكاية الأجمل هي السيرة العظيمة الملأى بالإنجازات الحضارية التي تركها فقيدنا الغالي وهي مسيرة تتواصل بطموح في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بمنطلقات المشروع الإصلاحي الكبير، والآمال الكبيرة التي يحملها ونحملها معه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء..

الصورة الأجمل، هي دعوات القلوب المحبة للراحل الكبير سمو الأمير "خليفة بن سلمان" بالرحمة والمغفرة وجنات النعيم.. وبارك الله وطننا الغالي بقيادته الرشيدة وشعبه الكريم الوفي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .