+A
A-

طبيب الأمير الراحل البدران لـ “البلاد”: فقدنا رجلاً بحجم الوطن

كان‭ ‬سموه‭ ‬نموذجًا‭ ‬للقيادة‭ ‬العصرية‭ ‬الإنسانية‭ ‬العظيمة

يمتلك‭ ‬منهجية‭ ‬قيادية‭ ‬تتسم‭ ‬بالحنكة‭ ‬والاقتدار‭ ‬والاستشراف

أوصل‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬مراتب‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬بالأمن‭ ‬والازدهار

‭ ‬نسافر‭ ‬للعلاج‭ ‬فأرى‭ ‬قلبه‭ ‬معلقا‭ ‬بهموم‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن

حتى‭ ‬وهو‭ ‬مريض‭ ‬كان‭ ‬شغله‭ ‬الشاغل‭ ‬البحرين‭ ‬ومواطنيها

حرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬قريبة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المواطنين

مستشفيات‭ ‬محلية‭ ‬وليدة‭ ‬نماذج‭ ‬اطلع‭ ‬عليها‭ ‬بالخارج‭ ‬ونفذها‭ ‬بالبحرين

 

عندما‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬فقيد‭ ‬البحرين‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬فكل‭ ‬الكلام‭ ‬والعبارات‭ ‬تقف‭ ‬ويغص‭ ‬بها‭ ‬قلبي،‭ ‬ولا‭ ‬أستطيع‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬خاطري‭ ‬وذاكرتي،‭ ‬قضيت‭ ‬عمري‭ ‬وأيامي‭ ‬الجميلة‭ ‬والصعبة‭ ‬مع‭ ‬سموه،‭ ‬فلي‭ ‬حكاية‭ ‬طويلة،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬الشرف‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مع‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل،‭ ‬الأمير‭ ‬الإنسان‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬امتدت‭ ‬لـ‭ ‬35‭ ‬عامًا،‭ ‬كطبيب‭ ‬خاص‭ ‬لسموه‭ ‬الكريم،‭ ‬ولقد‭ ‬لازمته‭ ‬في‭ ‬حله‭ ‬وترحاله‭ ‬وسفره،‭ ‬وتعلمت‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬القائد،‭ ‬قائدًا‭  ‬وإنسانًا‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬واحد،‭ ‬كنت‭ ‬أخاف‭ ‬عليه‭ ‬مثل‭ ‬روحي،‭ ‬وطوال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬لم‭ ‬أر‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬إلا‭ ‬الخير‭ ‬والحكمة‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬غمر‭ ‬بها‭ ‬الجميع،‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬مريض‭ ‬ويتألم‭ ‬كان‭ ‬شغله‭ ‬الشاغل‭ ‬البحرين‭ ‬ومواطنيها،‭ ‬نسافر‭ ‬للعلاج،‭ ‬فأرى‭ ‬قلبه‭ ‬معلقا‭ ‬بهموم‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬يحسب‭ ‬الدقائق‭ ‬ليرجع‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭.‬

‭ ‬أحب‭ ‬البحرين‭ ‬فأحبته‭ ‬وقضى‭ ‬حياته‭ ‬الجليلة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لرفعتها،‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬عظيما‭ ‬كريمًا،‭ ‬وقائدًا‭ ‬محنكا‭ ‬يمتلك‭ ‬رؤية‭ ‬استشرافية‭ ‬استثنائية‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬عند‭ ‬قائد‭ ‬آخر،‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ ‬الأحداث‭ ‬قبل‭ ‬حدوثها‭ ‬ويحدثنا‭ ‬بما‭ ‬سيحدث‭ ‬لاحقًا،‭ ‬ويكون‭ ‬كل‭ ‬كلامه‭ ‬دقيقًا،‭ ‬لن‭ ‬تشهد‭ ‬الإنسانية‭ ‬قائدا‭ ‬فذًّا‭ ‬مثل‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭)‬،‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬سموه‭ ‬لا‭ ‬تسعه‭ ‬مجلدات،‭ ‬كيف‭ ‬أروي‭ ‬مسيرة‭ ‬حياة‭ ‬وأحداث‭ ‬استمرت‭ ‬لـ‭ ‬35‭ ‬عامًا،‭ ‬أعجز‭ ‬عن‭ ‬اختيار‭ ‬الكلمات،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬رجلا‭ ‬بحجم‭ ‬الوطن،‭ ‬فقدته‭ ‬البحرين‭ ‬كرمز‭ ‬ومآثر‭ ‬وإنسانية‭ ‬وتاريخ‭ ‬ومنجزات‭ ‬وتضحية‭ ‬نضاهي‭ ‬فيها‭ ‬الأمم‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع،‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬أبا‭ ‬علي،‭ ‬الإنسان‭ ‬الأمير‭.‬

حديث‭ ‬خاص‭ ‬لـ‭ ‬"البلاد"

 

بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬أراد‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬التخصصي‭ ‬للقلب،‭ ‬استشاري‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬ريسان‭ ‬البدران،‭ ‬أن‭ ‬يستهل‭ ‬حديثه‭ ‬الخاص‭ ‬لـ‭ ‬“البلاد”‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬بالمستشفى‭ ‬العسكري‭.‬

 

قائد‭ ‬عظيم

يقول‭ ‬البدران‭: ‬كان‭ ‬الفقيد‭ ‬قائدًا‭ ‬عظيمًا،‭ ‬يتلمس‭ ‬احتياجات‭ ‬وطنه‭ ‬ومواطنيه‭ ‬ويكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيقها،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬نموذجا‭ ‬للقيادة‭ ‬العصرية‭ ‬الإنسانية‭ ‬العظيمة،‭ ‬كان‭ ‬لسموه‭ ‬منهجية‭ ‬قيادية‭ ‬تتسم‭ ‬بالحنكة‭ ‬والاقتدار‭ ‬واستشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬الواعد‭ ‬لشعبه،‭ ‬وكانت‭ ‬أهم‭ ‬محاور‭ ‬إستراتيجيته‭ ‬هي‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬والتواصل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬عبر‭ ‬المجالس‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬وهي‭ ‬نهج‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬سياسته‭ ‬الحكيمة،‭ ‬أحب‭ ‬شعبه‭ ‬فتواصل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬المواطنين‭ ‬بكل‭ ‬الطوائف‭ ‬والشرائح،‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬لم‭ ‬نعهدها‭ ‬في‭ ‬زعيم‭ ‬آخر‭ ‬أسس‭ ‬لسياسة‭ ‬الباب‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬واستمر‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬مرضه،‭ ‬يستقبلهم‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬الأسبوعي،‭ ‬ويصغي‭ ‬إليهم‭ ‬جيدا،‭ ‬يستمع‭ ‬لاحتياجاتهم‭ ‬ويطلب‭ ‬منهم‭ ‬الحديث‭ ‬و‭ ‬طرح‭ ‬كل‭ ‬مطالبهم،‭ ‬فسموه‭ ‬يعرفهم‭ ‬جميعًا،‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬عليه‭ ‬أحدهم،‭ ‬كان‭ ‬“ذكيًّا”‭ ‬بطريقة‭ ‬تذهل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬حوله،‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬أي‭ ‬مطلب‭ ‬أو‭ ‬احتياجات‭ ‬في‭ ‬المجلس،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬يصحح‭ ‬لمستشاريه‭ ‬مطالب‭ ‬مواطنيه‭ ‬بذاكرة‭ ‬فذة،‭ ‬وبعد‭ ‬المجلس،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يجتمع‭ ‬بمستشاريه‭ ‬والوزراء،‭ ‬مستعرضًا‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬ومطالبًا‭ ‬وحاثًّا‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬حلها،‭ ‬كان‭ ‬يتابع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبثه‭ ‬المواطنون‭ ‬بالصحافة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬منبر‭ ‬إعلامي‭ ‬آخر‭ ‬ويرد‭ ‬عليه‭.‬

 

استتباب‭ ‬الأمن

كان‭ ‬الأمن‭ ‬والاقتصاد‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬الفقيد‭ ‬الراحل‭ ‬على‭ ‬توفيرها‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬للجميع،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يوصل‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬مراتب‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مقصدًا‭ ‬للشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬العالمية،‭ ‬ومقرًّا‭ ‬للمنظمات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يقول‭ ‬دائمًا‭ ‬“الأمن‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬بوابة‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬ونمو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وارتفاع‭ ‬دخل‭ ‬المواطن‭ ‬ورفع‭ ‬مستواه‭ ‬المعيشي،‭ ‬والأمن‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬شجع‭ ‬البنوك‭ ‬والشركات‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬للاستقرار‭ ‬بالبحرين‭.‬

 

استقطاب‭ ‬الجامعات‭ ‬للبحرين

ويروي‭ ‬استشاري‭ ‬القلب،‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الذكريات‭ ‬عن‭ ‬الراحل،‭ ‬فيقول‭: ‬أحيانا‭ ‬نسافر‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬علاجية،‭ ‬وفي‭ ‬الفحوصات،‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬مشغولاً‭ ‬بالبحرين،‭ ‬شدته‭ ‬الجامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬العالمية،‭ ‬فأخبرني‭ ‬أنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬إحضارها‭ ‬للبحرين‭ ‬لتطوير‭ ‬التعليم‭ ‬بالبحرين،‭ ‬فأقول‭ ‬له‭: ‬“عليكم‭ ‬أن‭ ‬ترتاحوا‭ ‬فأنتم‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬علاجية”،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬واتصالاته‭ ‬حتى‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬استقطابها،‭ ‬وبالفعل‭ ‬استطاع‭ ‬وفي‭ ‬رحلات‭ ‬علاجية‭ ‬استقطاب‭ ‬3‭ ‬جامعات‭ ‬ليكون‭ ‬مقرها‭ ‬البحرين‭ ‬ودعمها‭ ‬بكل‭ ‬الأشكال‭ ‬وساعدها‭ ‬لكي‭ ‬تستقر‭ ‬وتعمل‭ ‬من‭ ‬المنامة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حصول‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬الدراسة‭ ‬فيها‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬وبين‭ ‬أسرته‭ ‬دون‭ ‬عناء‭ ‬وتكاليف‭ ‬السفر‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ومنها‭ ‬“جامعة‭ ‬أما‭ ‬العالمية،‭ ‬العام‭ ‬2002،‭ ‬وهي‭ ‬مؤسسة‭ ‬تعليمية‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬وهي‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات،‭ ‬استشرافا‭ ‬ورؤية‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬بأن‭ ‬التعليم‭ ‬التقني‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬هو‭ ‬المستقبل،‭ ‬فحرص‭ ‬سموه‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬نقله‭ ‬للبحرين،‭ ‬وفي‭ ‬مراحل‭ ‬سبقت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة‭.‬

ثم‭ ‬كانت‭ ‬جهود‭ ‬سموه‭ ‬باستقطاب‭ ‬أهم‭ ‬الجامعات‭ ‬الطبية‭ ‬المعروفة‭ ‬والمعتمدة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭: ‬الكلية‭ ‬الملكية‭ ‬للجراحين‭ ‬في‭ ‬إيرلندا‭- ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬الطبية‭ (‬RCSI‭)‬،‭ ‬الكلية‭ ‬الملكية‭ ‬للجراحين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والتي‭ ‬قبلت‭ ‬أول‭ ‬دفعة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004،‭ ‬ثم‭ ‬كان‭ ‬سعيه‭ ‬المتواصل‭ ‬لاستقطاب‭ ‬الجامعة‭ ‬الملكية‭ ‬للبنات‭ ‬العام‭ ‬2005،‭ ‬وتأتي‭ ‬المشروعات‭ ‬التعليمية‭ ‬الرائدة‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬سموه‭ ‬ومقولته‭ ‬إن‭ ‬“المواطن‭ ‬المتعلم‭ ‬هو‭ ‬الأقدر‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتعلم،‭ ‬واستطاع‭ ‬سموه‭ ‬استقطاب‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬والطلبة‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬والخارج‭ ‬للدراسة‭ ‬فيها،‭ ‬وتفعيل‭ ‬حركة‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري‭ ‬وتنمية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬اقتصادية‭ ‬وفرص‭ ‬عمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬بواسطتها‭.‬

مراكز‭ ‬صحية‭ ‬“قرب”‭ ‬المواطنين

وكان‭ ‬هم‭ ‬سموه‭ ‬وشغله‭ ‬الشاغل‭ ‬“الصحة”،‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬للمواطن‭ ‬خدمات‭ ‬طبية‭ ‬ورعاية‭ ‬صحية‭ ‬تضاهي‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتطورة،‭ ‬كان‭ ‬يناقشني‭ ‬بالأمور‭ ‬الطبية‭ ‬والعلاجية،‭ ‬وأتعجب‭ ‬من‭ ‬مدى‭ ‬اطلاع‭ ‬سموه‭ ‬فيها،‭ ‬وكان‭ ‬إتقانه‭ ‬وإجادته‭ ‬للغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ومتابعته‭ ‬لآخر‭ ‬التطورات‭ ‬الطبية‭ ‬قد‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬كنز‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬الطبية،‭ ‬فدعم‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والطبي‭ ‬وأطلق‭ ‬الجمعيات‭ ‬الطبية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬ودعم‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الرعاية‭ ‬العلاجية‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭ ‬وإطلاق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬برامجها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬كان‭ ‬الراعي‭ ‬الأول‭ ‬للمؤتمرات‭ ‬والمعارض‭ ‬الطبية،‭ ‬سخر‭ ‬الإمكانات‭ ‬لبناء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬وبأعلى‭ ‬المعايير‭ ‬العالمية،‭ ‬وحرص‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬قريبة‭ ‬جدًّا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬لكي‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عناء،‭ ‬وعندما‭ ‬كنا‭ ‬نسافر‭ ‬كان‭ ‬يذهب‭ ‬سموه‭ ‬شخصيا‭ ‬ليتابع‭ ‬المراكز‭ ‬الطبية‭ ‬بالخارج‭ ‬وينقل‭ ‬نسخًا‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬بالتصميم‭ ‬والخدمات،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬و‭ ‬المرافق‭ ‬المتخصصة‭ ‬والمستشفيات‭ ‬بالبحرين‭ ‬كانت‭ ‬وليدة‭ ‬نماذج‭ ‬اطلع‭ ‬عليها‭ ‬بالخارج‭ ‬ونفذها‭ ‬بالبحرين‭.‬

 

مركز‭ ‬القلب‭... ‬ثمرة‭ ‬جهوده

ويقول‭ ‬استشاري‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭: ‬أما‭ ‬مركز‭ ‬القلب‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬سينطلق‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬الوطنية‭ ‬المجيدة‭ ‬الشهر‭ ‬المقبل،‭ ‬فكان‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيره‭ ‬فيه،‭ ‬التأسيس،‭ ‬التصميم،‭ ‬الكوادر،‭ ‬الألوان،‭ ‬الأجهزة،‭ ‬مساحة‭ ‬الغرف،‭ ‬المختبرات،‭ ‬حتى‭ ‬الألوان‭ ‬أختارها‭ ‬سموه‭ ‬وضمن‭ ‬رؤيته‭ ‬المبدعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬ومنذ‭ ‬العام‭ ‬2005،‭ ‬كان‭ ‬مهندس‭ ‬المشروع‭ ‬بلا‭ ‬منازع،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يجتمع‭ ‬بالشركة‭ ‬الأميركية‭ ‬المتخصصة‭ ‬ببناء‭ ‬المشروع‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬عالمية‭ ‬متخصصة‭ ‬ببناء‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويجتمع‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬والوزراء‭ ‬لمرات‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الواحد‭.‬

ويضيف‭: ‬يعد‭ ‬مركز‭ ‬القلب‭ ‬تجسيدًا‭ ‬لروح‭ ‬القائد‭ ‬المحب‭ ‬لصحة‭ ‬شعبه،‭ ‬وهو‭ ‬هديته‭ ‬لشعبه،‭ ‬وستبقى‭ ‬لمساته‭ ‬أثرًا‭ ‬عطرًا‭ ‬تتذكره‭ ‬البحرين‭ ‬وتسجله‭ ‬في‭ ‬ذاكرتها‭ ‬الباقية‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يقول‭ ‬لي‭ ‬“بدران‭ ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬للوفيات،‭ ‬وأنا‭ ‬أريد‭ ‬للبحرينيين‭ ‬مرفقًا‭ ‬طبيًّا‭ ‬يحميهم‭ ‬ويعالجهم‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬القلب،‭ ‬ويكون‭ ‬صرحًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬بالمنطقة”،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬أراد‭.‬

أحب‭ ‬الأطباء‭ ‬كما‭ ‬أحبوه،‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬وراء‭ ‬إنجازات‭ ‬الأطباء‭ ‬البحرينيين،‭ ‬بدعمه‭ ‬للابتعاث‭ ‬والتدريب‭ ‬بالخارج،‭ ‬كان‭ ‬دعمه‭ ‬وراء‭ ‬فتح‭ ‬عيادات‭ ‬الاستشاريين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬السلمانية‭ ‬لزيادة‭ ‬دخلهم،‭ ‬ولعل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬ساعد‭ ‬الأطباء‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا‭ ‬لافتتاح‭ ‬عيادات‭ ‬ومستشفيات‭ ‬خاصة‭ ‬وتوفير‭ ‬الاجهزة‭ ‬والمعدات،‭ ‬وكان‭ ‬يسهل‭ ‬كل‭ ‬معاملاتهم،‭ ‬وكرم‭ ‬الأطباء‭ ‬بجائزة‭ ‬ويوم‭ ‬خاص‭.‬

 

أخيرا‭... ‬كان‭ ‬مسؤولا‭ ‬وإنسانًا خلق‭ ‬لعمل‭ ‬الخير

أخيرا‭... ‬لا‭ ‬تسأليني‭ ‬عن‭ ‬حالي‭ ‬بعد‭ ‬رحيله،‭ ‬لقد‭ ‬فقدت‭ ‬الأمير‭ ‬والإنسان‭ ‬والأخ‭ ‬والصديق،‭ ‬كان‭ ‬كريمًا‭ ‬في‭ ‬عطائه‭ ‬محبًّا‭ ‬في‭ ‬قلبه،‭ ‬أحب‭ ‬البحرين‭ ‬وأحب‭ ‬مواطنيه‭ ‬وخدمهم‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬فأحبوه،‭ ‬جالسهم‭ ‬وجلس‭ ‬معهم‭ ‬وحل‭ ‬مطالبهم‭ ‬وأكرمهم،‭ ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬لعمل‭ ‬الخير،‭ ‬يتابع‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬حوله،‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬أحوالنا،‭ ‬كان‭ ‬رجلاً‭ ‬عربيًّا‭ ‬أصيلاً‭ ‬شهمًا‭ ‬وقائدًا‭ ‬فذًّا،‭ ‬ولن‭ ‬يحمل‭ ‬التاريخ‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬ورحيمة‭ ‬ومتواضعة‭ ‬وإنسانية‭ ‬مثل‭ ‬سموه،‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬أبا‭ ‬علي‭ ‬وإلى‭ ‬جنة‭ ‬الخلد‭ ‬مع‭ ‬الأولياء‭ ‬والصالحين‭.‬