العدد 4424
الثلاثاء 24 نوفمبر 2020
banner
مساهمة الشركات المجتمعية
الثلاثاء 24 نوفمبر 2020

تهتم الشركات بتقديم الدعم لتنمية المجتمع، وهذه “المساهمة المجتمعية” آخذة في الزيادة، وهذا تطور يجب أن يجد العناية من كل الأطراف. والشركات، وتقديرا لمجتمعها شعرت بضرورة إعادة جزء من الأموال لتصب في مشاريع يستفيد منها المجتمع. وبالطبع فإن نظرة كل شركة لدورها في “المساهمة الاجتماعية” تتوقف على فلسفتها ورؤيتها لهذه المساهمة.

و”المساهمة الاجتماعية” الآن من مبادئ الحوكمة الحديثة التي تتبعها الشركات حتي لا تغرد خارج السرب فيما يتعلق بهذا النشاط الهام، وعلى الشركات وضع اللوائح والضمانات التي تسهل تنفيذ المساهمة المجتمعية بطرق سليمة ووفق المتطلبات القانونية. ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن “المساهمة المجتمعية” يجب أن تأخذ شكلا محددا ونمطا ثابتا مدروسا بطريقة مؤسسية سليمة وليس “فتات” إكرامية أو “عطية مزين”، بل وفق برمجة مؤسسية ثابتة سليمة متكاملة.

وبعض الشركات “تتفن” وتبدع في المجالات التي تختارها وتحرص على تقديم المفيد والجديد للمجتمع، كالمساهمة في القطاع الطبي أو التعليمي أو أنشطة دعم الشباب والمرأة وكذلك تقديم الدعم لموظفي ومنتسبي الشركة، والأقربون أولى بالمعروف. وهناك شركات تقدم المساهمة دون بث روح الشركة فيها ومن دون إبداع أو حرفية و تشعر أنها تقوم بالعمل تأدية واجب فقط. وهناك فارق بين الحالتين. وهذا يستدعي المراجعة لخلق أرضية عامة “مثالية” يستفيد منها المجتمع على أفضل وجه.

وربما يكون من المفيد تكوين هيئة “قومية” لوضع استراتيجية وتنسيق الأمور الخاصة بالمساهمة المجتمعية للشركات وذلك وفق إطار عام يخدم كل أطياف المجتمع. وهذه الهيئة، ربما تكون ذات صفة استشارية أو إلزامية حسب التقدير، ولكن وجودها مهم لضمان التنفيذ بصورة وطنية “عامة” بعيدا عن نظرة الشركات التي ربما تكون “شخصية” ولا تخلو من الأغراض الذاتية للشركة.

بعض البلدان اختارت الذهاب للميل الإضافي، وقامت بوضع تشريعات قومية تلزم الشركات بتجنيب نسبة معينة من أرباحها وتخصيصها للصرف في المساهمة المجتمعية. وهناك من ينتقد، ويقول إن هذا يشكل نوعا جديدا من الضرائب والجبايات على الشركات. وهناك من يرى، أن الأمر لا يمكن أن يعتبر نوعا من الضرائب لأن الشركات هي التي تقوم بنفسها بتحديد المشاريع الخاصة بالمساهمة الاجتماعية وهي التي تقوم بالصرف وتوفير المال حسب رؤيتها وأولوياتها. وهذا بعيد كل البعد عن الضرائب التي تسلم للدولة عدا نقدا كفرض عين، والدولة هي التي تتصرف فيها بمطلق الحرية حسب الموازنات المعدة سنويا.

ربما يكون مفيدا دراسة إمكانية الاستفادة من كل التجارب، حتى تؤتي المساهمة المجتمعية أُكلها هنيئا مريئا. وفي النهاية فإن المجتمع هو الذي سيقرر مدى نجاح ما تم تقديمه له. ومن هذا الرابط الثمين تنمو العلاقة بين الشركات والمجتمع، وتنعدم روح الأنانية، وهذا يعزز مفهوم التنمية للجميع ولمصلحة الجميع ويساهم فيها الجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .