العدد 4427
الجمعة 27 نوفمبر 2020
banner
د. جاسم حاجي
د. جاسم حاجي
الأهمية الاستراتيجية للبيانات الضخمة
الجمعة 27 نوفمبر 2020

“البيانات الضخمة” هي محور الكثير من المناقشات التي ترى أنها بمنزلة “النفط الجديد”، وقد يجادل البعض بأن تلك البيانات تتحول تدريجيًا إلى أحد الموارد التي قد تتسبب في نشوب الحروب في المستقبل، وعلى العكس، قد يرى البعض أنها لا تساوي شيئًا مقارنة بالنفط، ومهما كان الموقف من تلك البيانات فمن الواضح أنها أصبحت من الركائز الاستراتيجية التي لن تتردد الكثير من الدول الفاعلة في دخول الحروب من أجلها.

كان إعلان الرئيس الروسي بوتين في عام 2017 تأكيدًا على تلك الفكرة، فعند الحديث عن الذكاء الاصطناعي قال بوتين “الرائد في هذا المجال هو من سيحكم العالم”، لكن “أنظمة الذكاء الاصطناعي المتميزة تحتاج إلى البيانات”، وبالفعل يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات الهائلة خصوصا في مجال التعلم العميق، ويتضح بالتالي أنها ميزة هائلة لمن يحصل عليها، فمن يرغب في حكم العالم يجب أن يحرص أولاً على الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من البيانات لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وتدرك الولايات المتحدة والصين بالفعل الأهمية الاستراتيجية للتدفق الهائل للبيانات، ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى الحرب الدائرة بينهما للوصول إلى الريادة أو الحفاظ عليها في مجال الذكاء الاصطناعي، والواقع أن الذكاء الاصطناعي من الأسواق الواعدة جدًا التي تحرص جميع الدول على الفوز بها، فهو يؤثر في جميع مناحي حياتنا، وهو تأثير متزايد يخلق فرصًا جديدة في مجالات التوظيف والبحث والتطوير والتعليم والصحة والنقل والدفاع والمالية والاتصالات، بل وحتى في مجالات الزراعة والأغذية وغيرها الكثير، فأنظمة الذكاء الاصطناعي موجودة بالفعل وتستخدم التدفقات الهائلة للبيانات من أجل التعلم والتحسن. “تتضاعف كميات البيانات التي ننتجها سنويًا... في كل دقيقة هناك مئات الآلاف من عمليات البحث على محرك جوجل ومنشورات الفيسبوك، وهذه البيانات تحتوي على معلومات تفضح أفكارنا ومشاعرنا.”.. إنها حقيقة يجب تقبلها والتكيف معها، وللصين ميزة عن غيرها، فعدد السكان الهائل الذي يبلغ 1,4 مليار نسمة، بالإضافة إلى عدد مستخدمي الإنترنت الذي يبلغ 730 مليون نسمة يجعل لديها وفرة من المعلومات.

ويتضح من ذلك أن البيانات هي موارد الجيل القادم، ولا يمكن أن تسمح الدول لنفسها بتجاهل تلك الموارد، بل ومن المؤكد أنها ستتصارع فيما بينها من أجل تلك البيانات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية