+A
A-

إبراهيم الغانم يحتفي بطبيعة البحرين وتنوّعها عبر لوحات واقعية

ينتمي الفنان التشكيلي البحريني إبراهيم الغانم إلى المدرسة الواقعية في الفن، حيث يرسم كل جوانب الحياة المحيطة به، ويبعث برسالة عبر أعماله التشكيلية من أجل المحافظة على البيئة بطبيعتها الخلاّبة بعد أن غزاها الزحف العمراني وبدأت بالتلاشي رويدا رويدا.

وحول مفرداته التشكيلية، ومن أين يستلهم أعماله الفنية، يؤكّد الغانم أن أعماله الفنية تركّز بالأساس على الطبيعة والتراث والمزارع والبساتين والسواحل والأسواق التراثية القديمة.

وعن الغاية من ذلك، يقول “أسعى من خلال لوحاتي التشكيلية إلى الاحتفاء بالطبيعة الخلاّبة التي تمّيز بلدي البحرين، والتي أتمنى لها الدوام، وألاّ تغزوها الجدران الأسمنتية، فيتحوّل الأخضر والأزرق إلى رمادي”.

ومن هناك يرسم الفنان البحريني خُضرة الأشجار الواقفة بصلابة أمام كل الرياح، كما يرسم في لوحة أخرى قاربا يتوسّد الشاطئ منحسرا عنه الماء، هي صورة لبحرين الأمس في ظل علاقة البحر بالبحار وما جمعهما عبر التاريخ الممتد من أخذ وعطاء نابض بالحياة، إضافة إلى سوق قديم هو سوق القيصرية الذي يعدّ واجهة البحرين الاقتصادية في شكلها التقليدي وعنوان حركة الناس وهم يتبضّعون ويعملون ويسعون إلى رزقهم.

وتحدّث عن بدايات مسيرته الفنية، وقال إنه بدأ الرسم منذ الصغر، وأنه وجد تشجيعا كبيرا من العائلة، وأن عمّه كان يوفر له كل ما يحتاجه من أدوات وألوان من أجل ممارسة الرسم، وأن ذلك التشجيع تكرّر من قبل المعلمين في المدرسة، ثم مارس الرسم بالنادي الثقافي في قريته باربار، ثم بدأت مشاركاته بالمعارض الفنية المحلية التي تنظمها المؤسسة العامة للشباب والرياضة سنويا، إلى أن سافر في بعثة لدراسة الفنون بكلية التربية الفنية في جامعة حلوان، بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث حصل منها على بكالوريوس التربية الفنية.

وحول علاقته باللوحة والريشة والألوان، قال إن اللوحة والفرشاة والألوان هي عالم الرسام، وأنها تمثل له الحياة، وأن الرسم هو حياته، مضيفا “أنا أرسم إذن أنا على قيد الحياة”، وأنه يتنفّس بالرسم، وأنه حين يرسم يشعر بأنه امتلك عالمه الخاص الذي يستمد منه وجوده، وأنه عندما ينجز عملا فنيا جديدا يشعر بولادة مولود جديد فيه حياة وشعور وإحساس لا يمكن وصفه.

ويرى الغانم أن الحركة التشكيلية في الوطن العربي تواكب الحركة الفنية العالمية، ولا تختلف عنها في شيء، وأن هناك فنانين تشكيليين عربا لا يقلّون شأنا عن كل الفنانين في العالم، بل يتجاوزونهم أحيانا.

وأضاف أن “ما ينقص الحركة التشكيلية العربية هو فقط تنمية الذائقة الفنية في المجتمعات العربية، وألا يكون الفن وتذوّقه موجّها للطبقة المخملية وللصفوة المثقفة فقط”.

وحول رؤيته لمستقبل الفنانين التشكيليين العرب، أبرز أن الحركة التشكيلية في الوطن العربي لا تقل شأنا عن مثيلاتها في العالم، بل تتميّز عن غيرها بما تملكه من أصالة وتراث وتاريخ.

ولفت الغانم إلى أن هناك عوامل تاريخية ودينية واجتماعية جعلت العرب متأخرين عن الركب الفني وعن النهضة التشكيلية العالمية، التي سبقت الحركة التشكيلية العربية بقرون، لكن وبرغم ذلك فإن العرب اليوم لديهم فنانون وفنانات يملكون مستوى فنيا عاليا، ينافسون به كل فناني العالم.

وحول رؤيته لإمكانية أن يعيش الفنان التشكيلي من نتاج فنه، أكّد الغانم أن مشكلة الفنان في الوطن العربي تكمن في صعوبة الاعتماد على الفن والاحترافية كمصدر رزق أساسي، وبالتالي فهو يلجأ إمّا للوظيفة وإما العمل في مشروع آخر إضافي يساعده على كسب لقمة عيشه، وهو ما يأخذ من وقته الثمين الذي من المفترض أن يخصّصه لممارسة الفن والإبداع.

وأوضح “هذا الموضوع له عدة جوانب مرتبطة بثقافة المجتمع فنيا ووضعه الاقتصادي. والمجتمع العربي، ونتيجة للعديد من الظروف، لا يمتلك الثقافة الفنية بشأن أهمية اقتناء الأعمال التشكيلية، نتيجة للظروف الاقتصادية، حيث عادة ما ينشغل المواطن في المجتمعات العربية بالسعي لتأمين لقمة العيش، باستثناء الفئة المقتدرة من مثقفين وتجار والبعض من صفوة المجتمع، الذين يتذوّقون الفن، وهم الفئة القادرة على اقتناء الأعمال الفنية، وهؤلاء قلة في المجتمعات العربية والشرقية عموما”.

وأكّد الغانم أن الفن لا يفرّق بين المرأة والرجل، وأنهما “يتساويان في العطاء الفني بالوطن العربي حاليا وفي العالم أجمع، وكما أن هناك أسماء لامعة لرسامين، فهناك بالمثل أسماء لامعة لرسامات لا تقل شأنا في التميّز والعطاء”.

وأوضح “في البحرين، على سبيل المثال، يتساوى عدد الفنانات في مختلف التخصّصات الفنية مع عدد الفنانين، إن لم يكنّ يتجاوزنهم، وهنّ فاعلات ومؤثرات بالحركة التشكيلية البحرينية منذ أمد بعيد، وأعتقد أن هذا التأثير يمتد إلى كل الوطن العربي”.

وشارك إبراهيم الغانم خلال مسيرته الفنية بالعديد من المعارض الفنية المحلية والعربية والدولية، وحمل معرضه الشخصي الأول عنوان “صدى الطبيعة” وتناول فيه صورا من الطبيعة في بلده البحرين. وكانت له مشاركات لافتة في معارض الشباب لدول الخليج العربي، في كل من الرياض والكويت، بجانب المعرض الدولي للفن التشكيلي والتصوير بمركز البحرين الدولي للمعارض، وأشرف على مركز الملك سلمان الثقافي للأطفال في الفترة من 1992 وحتى 2008 بحسب العرب اللندنية.