+A
A-

بحارة بحرينيون يستذكرون اللحظات القاسية والمعاملة السيئة من سلطات الدوحة

يختصر البحار البحريني عيسى راشد العلان الكثير مما خبأه ويخبئه البحارة البحرينيين من تجارب مرارة بسبب استهدافهم واستهداف أرزاقهم من جانب السلطات القطرية، ومنذ سنين، أو لنقل منذ العام 2010 وحتى اليوم، تتكرر حوادث احتجاز البحارة البحرينيين وتعريضهم للمساءلة والإجراءات القاسية والمحاكم والأحكام الجائرة لقطع أرزاقهم، لكن، ما هي الصورة الميسرة التي ينقلها لنا النوخذة “العلان”؟


من الصعب علي أن أجد مدخلًا للحديث، يقول العلان، فالعذاب الذي يعانيه البحارة من استهداف السلطات القطرية لا يمكن وصفه وإن وصفناه لا يمكن تصديقه! فحين يتم سجن بحار وعماله واحتجاز قاربه، وتغريمه بين 10 إلى 5 آلاف دينار، فهذا الأمر في غاية الإيلام، ثم نحن بحارة من أبناء البحرين، ونصطاد في مباحرنا وحدودنا، فأي جريمة تلك التي تسبب للحكومة القطرية كل هذا الغضب؟


وماذا لديك يا نوخذة؟ يقول:”تخيل يا أخي، منذ تاريخ الثامن من فبراير عام 2018، وقاربي محتجز لديهم، فكيف لأمثالي من البحارة الذي يعتبر البحر رزقهم ورزق عيالهم أن يسيروا شؤون حياتهم؟ ولكنني أكرر، لماذا يستخدمون معنا القوة ويقبضون علينا ونحن نترزق الله في مياهنا الإقليمية؟ للأسف الشديد، من العار أن يحصل هذا من جانب أشقاء، فحكومتنا في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، لم تقصر معنا، وصوتنا مسموع، إلا أن صوتنا بالنسبة للسلطات القطرية وهي تتعمد الإضرار بنا، لا مكان له.


الشعب القطري “على راسنا”
وبمرارة وألم يتحدث البحار سلمان علي خالد هجرس، فهو مواطن بحريني خليجي يؤمن بأن أهل البحرين وأهل الخليج كلهم أسرة، وأهل قطر “عزاز على قلوبنا”، إلا أن ما تفعله السلطات القطرية وكأنهم تتشفى أو تنتقم من البحارة البحرينيين، وتتعمد الإضرار بأرزاقنا، وهذا الوضع يعود إلى سنين بعيدة، وإذا شئت القول، فإنا كبحريني، أقول بأن الشعب القطري أخوتنا وأحبابنا وتاج على رؤوسنا، أما السلطات القطرية فقد أثبتت أنها في غاية السوء في تعاملها معنا، وكما قلت لك، ليس الأمر بالجديد، بل منذ قضية “إعادة حقنا الوطني في جزر حوار”، وهم يكيدون لنا.


مضايقة البحارة عمدًا
ويتطرق إلى معاناته، فقد واجه ما واجه عندما كان يبحر في “فشت العظم” وتم القبض عليه وإساءة معاملته، ما حذا به اليوم للإبحار في المناطق الشمالية طلبًا للرزق، إلا أن هذه المعاناة مستمرة، فقاربه لا يزال محتجزًا من 6 ديسمبر 2018 ولا جديد بشأنه حتى الآن، ويلفت النوخذة هجرس إلى نقطة مهمة بالنسبة له ولجميع البحارة البحرينيين الذين يكسبون رزقهم من البحر:”علينا ثقل من الديون، وبالنسبة للمتقاعدين منها، فكان حلمهم بعد التقاعد أن يستثمروا جزءًا من “شقاء عمرهم” ليعملوا في البحر، فراتب التقاعد لا يكفي لتغطية الديون والالتزامات، ونحن نعمل في البحر لكي نفتح لنا مصدر دخل نسير به شؤوننا المعيشية، إلا أن السلطات القطرية لا تدرك حجم معاناتنا، وتتعمد مضايقة البحارة البحرينيين وملاحقتهم، ونتمنى من الدولة أن تدعمنا كذلك ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة، فهناك عدد من البحارة الذين تم احتجازهم واحتجاز قواربهم مروا ولا يزالون بتبعات هذا الاستهداف الذي لا علاقة له بأواصر الأهل والمحبة والأخوة.


نحن بحارة ويرفعون السلاح في وجهناهي مأساة كبيرة، لكن الله كريم، لقد تضرر البحارة، كما يرى البحار أسامة عبدالرحمن، ودعني أقول لك أن هذه المعاناة التي عشتها وعاشها غيري من إخوتي البحارة، سواء من المحترفين أم الهواة مما لحق بنا من أذى بسبب السلطات القطرية، جعلتني أفكر في أن “أكنسل شغل البحر”، لكن ماذا أفعل، وليس لي مصدر رزق سوى البحر.


وكما حال غيري، يقول أسامة، تقاعدت وصرفت من حقوقي الكثير لكي أعمل في البحر، وهذا خلف التزامات كبيرة جدًا، وعملي في البحر ليكون داعمًا لراتبي التقاعدي، وتخيل أنك تطلب الرزق، فتأتيك دورية خفر السواحل القطرية وترفع السلاح في وجهك وتطلب منك تسليم مفتاح القارب، وهذا ما حدث لي، وأنا متأكد وواثق بأنني أبتعد عن الحدود القطرية حوالي 700 متر، لكن الدورية رفضت أن تنظر إلى جهاز الملاحة الخاص بي ليكون ذلك دليلًا على أنني لست مخطئًا وأنني في حدود بلادي البحرية، إلا أن كل ذلك لم ينفع معهم، وأتذكر في تلك اللحظة، أي عندما رأينا دورية تأتي من بعيد، كان صديقي يقول هذه دورية قطرية وأنا أقول لا، هي دورية بحرينية لأننا في حدودنا، حتى وقع ما وقع مع دورية خفر السواحل القطرية.


وعلى أن بعض البحارة اختاروا الإبحار في المصائد الشمالية، إلا أن أسامة يشير إلى أن المباحر الشمالية بعيدة وشاقة، وللعلم، حين تم احتجازي من جانب الدورية القطرية، فأنا كنت في “قطعة جرادة”، وحتى حين تثبت ذلك، فإن من في الدورية يصرون على أن “الرادار” هو من ضبط دخولكم في المياه القطرية.


التزامات كبيرة وكل حقوقي كلها في البحر يكون لي على راتب التقاعدي بالإيجار ولكي أسير أمور حياتي فلهذا الجي بي إس يقول ابتعد عن الحدود القطري ميلين وجزء ودخل لي من داخل أقل من 700 متر من قطر وصديقي يقول هذه دورية قطر وأنا أقول هذه دورية البحرين وإذا هي دورية قطر والأعذار ورفع السلاح مستعد للرمي ورفضت المفتاح وقلت سأرمي المفتاح لكن تعال وأنظر إلى جهاز الجبي بي فأنا داخل حدود البحرين.


فشلوا في ملاحقة الطراد
الوضع كان محزنًا ومؤلما للغاية بالنسبة إلى البحار محمد يعقوب غريب الذي تحدث هو الآخر وكأنه يحمل هموم كل بحار بحريني فيقول:”أنا من الهواة، لكن البحارة المحترفين وضعهم أكثر صعوبة لا سيما بالنسبة لمن يكسب رزقه من الصيد في المباحر الوفيرة، وحصل أنه في العام 2017، مررت بتجربة قاسية مع بعض أصدقائي حين ألقت دورية قطرية القبض علينا ونحن على يقين بأننا لم ندخل الحدود القطرية، وكنا نشاهد تلك الدورية تلاحق طرادًا آخر، وعندما فشلوا في الوصول إليه، عادوا إلينا وقالوا أن الرادار كشف دخولنا في مياههم، وكررنا القول أننا لم ندخل الحدود، حتى لو أن “المايه” سحبتنا بضعة أمتار فهذا الأمر قد يحصل، لكنهم قالوا رافقونا وستكون أموركم بخير، فقط يلزم عليكم توقيع تعهد وأموركم طيبة.


كل يوم تدخلون.. ولا شبر!
بقينا في الحجز عدة أيام حتى تم عرضنا على النيابة العامة التي أبلغتنا بعرضنا على المحكمة غدًا، وأن الأمور كلها طيبة وسمعنا منهم كلامًا طيبًا للغاية، وبقينا هناك 15 عشر يومًا منها في الحجز ومنها مع أصدقاء لنا من أهل قطر، وحينما جاء موعد المحكمة ودخلنا على القاضي فوجدناه “صلفًا شديدًا” حتى أنه قال:”انتو أهل البحرين كل يوم تدخلون عندنا.. ولا شبر تدخلون”، وكنا ثلاثة أشخاص، فتم تغريمنا مبلغ 500 دينار، وحجزوا الطراد، أما الشخص الثالث معنا ولأنه كان صاحب سابقة، فقد تم سجنه لمدة شهرين، وحتى اليوم، نتواصل مع خفر سواحلنا فيقولون أنه لا معلومات عن الطراد، ونتواصل مع خفر السواحل القطرية اتصالًا فيقولون أنهم أرسلوا الطراد، ولكن أن تتخيل المعاناة الموجعة للبحارة البحرينيين كان الله في عونهم.


في سطور المعاناة المكتوبة، هناك معاناة أشد وأكثر قسوة، ولعل المقام لو طال مع تجارب استهداف البحارة البحرينيين منذ سنوات من قبل السلطات القطرية، لوجدنا الملفات تنوء برغبة في التشفي وحرمان البحارة من باب رزقهم ورزق عيالهم.. هي ليست سوى نشوة الانتقام البغيض.