العدد 4437
الإثنين 07 ديسمبر 2020
banner
من يحبني...
الإثنين 07 ديسمبر 2020

نحن نعشق بائع التذاكر عندما نقبل عليه لنقطع تذاكرنا للدخول للسينما أو ركوب الباص، ونتركه للجحيم بعد أن قطعنا التذاكر، لأن علاقة المحبة والتودد التي بيننا هي لحظات بعدها ليس مهما أن أحترم رأيه وتقاليده، وليس مهما أن أحترم رأي مجتمعه أو بيئته، لكن بالعادة الفطرية المجتمع يبنى على الحب وليس بالضرورة أن يكون من قبيلتي أو مدينتي، فكل المدن العتيقة صنعها التاريخ والتصقت في جدرانها أغاني الطفولة ونُقشت أرضها بقطرات المطر. إذا المدينة نفسها حتى إن كان عمرها أكثر من تسعة آلاف عام مثل البوابة البابلية أو سور أريحا أو قلعة حلب، حتى مدينة أثينا التاريخية، فالأشجار تتعامل بنفس طبيعة ما تحتاج إليه في كل أرض وليس حسب ما تريده وتراه أنت، وحتى تعرف أن الجميع يرى الإنسان كتلك الشجرة بكل فصول عمرها يجب أن تكون الشمس قد وصلت للجميع بالتساوي والقمر طل على الجميع ليمنحهم الهدوء.


في بريطانيا سمح القانون لليمني والأثيوبي والصومالي باستخدام القات واعتبره جزءا من ثقافة مجتمعهم حتى سنة ٢٠١٥ عندما قامت تريزا ماي بدعوى ضد استخدامه، لكن لنسأل هل كانت أوروبا وبريطانيا في حالة جنون أو مغيبة عن الوعي حتى تسمح بالقات؟ هنا المسألة ليست بالقات وأضراره بل بفكرة أنه من الممكن أن تكون أسوأ العادات عنوانا لاحترامك، وهنا تعرف معنى التعايش ومعنى قيمة احترام المجتمع واحترام الإنسان من المجتمعات المتحضرة غير العنصرية.


عندما يقرأ مقالي هذا سأتهم من البعض بأنني أقبل بالقات أو المنكرات لأن هذا مستوى تفكير الجاهل الذي كل ما يلتفت حوله يرى نفسه مرة بقبعة ومرة ببدلة ومرة بثوب ومرة منتشيا كأزوريا الذي أضاع أموال سيده على النساء ليثبت له أنه رجل، لكن المعنى الحقيقي هو أن احترام الناس واحترام ثقافة المجتمعات تعكس ثقافتك ووعيك الإنساني وبيئتك التي احتضنتك.


وأتمنى ممن يريد أن يناقشني ألا يكون جاهلا بالحق، وعندما لا يستطيع نقاشي، يذهب بي إلى أن يخرجني من الإسلام ويضعني في قعر جهنم خالداً فيها وساءت مصيراً، وهو يعلم جيدا أن الروايات والأحاديث للعامة ليست بحقيقة حازمة ولتفسيرها رؤية وأفكار مختلفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .