العدد 4439
الأربعاء 09 ديسمبر 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
لعبة الحظ مع الحياة!
الأربعاء 09 ديسمبر 2020

لم أكن أؤمن بلعبةِ الحظ طوال حياتي، فأنا واقعي وموضوعي، وأفهم أن الحياة لعبتها لا علاقة لها بالحظ، ولكن يبدو أنني بطريقي لتغيير هذا الإيمان، ربما كورونا وربما الحياة نفسها خلعت قناعها، فأنا في سبيل فهم لعبة الحظ.


الاستياء من بعض المظاهر التي تعترض طريقنا بالحياة، وهي تشكل مشهدا يوميا لظاهرة نفسية تواجه الآلاف من البشر من حولنا، هناك الكثير من الضغوطات على الإنسان كونه يعيش بمجتمع اعتمد أسلوب الاستهلاك المفرط للكلام والمشاعر والأكل والحب والصداقة والوفاء، أصبحت مظاهر تحقيق المتطلبات الضرورية واحدة من مكونات أساسية للحياة تتطلب مثل هذا الاستهلاك، وبالتالي تجعل من الحياة الضاغطة علينا واقعا لا مفر منهُ على الحياة اليومية وما تشكله من نتائج وخيمة على النفسية، ما يدفع البعض إلى الهروب نحو تفريغ هذا السلوك بحركات عصبية وتوتر دائم قائم نراه أحيانا في واقعنا الراهن.


لو أن هذا الإنسان الرازح تحت ضغط الاستياء من بعض المظاهر التي يصادفها في المجتمع وفي تفاصيل يومه المعتاد قد تخلصه من ضغطه النفسي بترك الأمور تأخذ طريقها بعيدا عن التدخل الغاضب ولو أنه أعطى نفسه فسحة من الوقت في التفكير الإيجابي بدلاً من الأفكار الدخيلة التي توسوس له بكثير من الأفكار السلبية، لوجد أن الحياة بسيطة وسلسة وليست بحاجة إلى كل هذا الاستياء منها ومن الناس الذين يعيشون على بساطها.


كثيرا ما نصادف بعض المواقف التي تثير فينا الغضب في لحظتها، وبعد لحظات أو ساعات من هذه المواقف سرعان ما يزول هذا الاحتقان من محيط هذا الإنسان ويعود طبيعيا ولو فكرنا في لحظتها بالطريقة الإيجابية التي تقوم على أن هذه المواقف عابرة وأنه ستتغير بعد ساعات من وقوعها لتبين للإنسان أن بوسعه التغلب على استيائه وضغطه لو ترك موجات الاستياء تمر دون تحليلها.

الخروج من عالم الاشتباك مع الآخرين يفرض بالابتعاد عن محيطهم ونسيانهم، لا يمكن التصالح مع الأخطاء في المنزل والعمل والشارع فماذا تفعل؟ هل تخوض حروبا مع الجميع بذات الوقت؟


إن الصورة الواسعة غير الصورة الضيقة، ولو أعطينا أنفسنا فسحة للعيش في إطار الصورة الواسعة التي هي أبعد من مجرد مشاعر غاضبة مستاءة لوجدنا الحل في العيش بسلام مع أنفسنا أولاً قبل العيش بسلام مع الآخرين.
تنويرة: انتبه لأقرب الناس لأنك منحته ثقتك كلها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .