+A
A-

الخبز بين مزاعم الإصابة بسرطان المعدة والخرافة

تطرح “البلاد” في ملفها الحالي سؤالا وفرضية مهمة تدور حول ما إذا كان “الخبز الشعبي” يسبب الإصابة بسرطان المعدة بسبب استخدام مياه الحنفية في تحضيره، بعد أن شهدت العديد من الدول مشكلة استخدام مياه الحنفية في تحضير الخبز، إذ تحتوي هذه المياه على النترات وحتى لا تسبب سرطان المعدة يجب ألا تزيد نسبة النترات عن 50 ملجم لكل لتر، ولكن إذا زادت النسبة فمركب النترات سوف يتفاعل مع الأحماض الأمينية بداخل الجسم فيتكون مركب النيتروز أمينات، وهو من أحد أسباب الاصابة بسرطان المعدة كما تؤكد العديد من الدراسات.

سمية يوسف
وفي هذا الصدد، تقول أستاذ الهندسة البيئية المساعد في برنامج الادارة البيئية في قسم الموارد الطبيعية والبيئة في جامعة الخليج العربي سمية يوسف “بحسب تقرير جودة المياه البلدية في مملكة البحرين، فإن جميع المقاييس توافق المعايير العالمية والحدود المسموح بها عالميا لجميع المكونات لتتمتع مملكة البحرين كمعظم شقيقاتها في دول الخليج بأعلى معايير الجودة للمياه البلدية والتي تصلح حتى للشرب، إذ أثبتت العديد من الدراسات في البحرين بأن مياه الصنبور لا تقل جودة عن المياه المفلترة والمياه المعبأة في مملكة ألبحرين من ناحية درجة الحموضة وحتى نسبة الأملاح والمعادن فيها، لذا فهي آمنة للاستخدام لاعداد الأطعمة والخبز، وغيرها من الاستخدامات”.


تنظيف الخزانات
وتضيف “ربما تواجه بعض الدول كفلسطين مشكلة ارتفاع مستوى مادة النترات والنايتريت في مياه الشرب والتي قد تؤدي الى أمراض خطيرة، وكذلك ربما تدني جودة المياه أحيانا يرجع الى تدني سلامة امدادات هذه المياه وتلوثها وكذلك خزانات المياه، لذا على الجميع الحرص على تنظيف الخزانات بشكل دوري والتاكد من سلامة شبكة الامدادات، والتقليل من استخدام المياه المعبأة البلاستيكية والتي تؤدي بدورها الى مشكلة أخرى بتوليد مخلفات البلاستيك والتي لها تبعات خطيرة على البيئة وصحة الانسان، والتي ازداد الاقبال عليها في العقد الاخير نظرا لانتشار العديد من المعلومات المغلوطة حول مدى سلامة مياه الصنبور للشرب والتي أدت بالناس الى سلوك استهلاكي غير مستدام باستهلاكهم للمياه البلاستيكية المعبأة، ربما وضع الواصفات و الاشتراطات الصارمة لخزانات المياه وتبريدها صيفا باستخدام تقنيات مبتكرة معتمدة على الطاقة الشمسية المتجددة”.


وأكدت يوسف أهمية صيانة الحزانات بشكل دوري والتأكد من سلامة الامدادات وفحص عينات عشوائية للمياه بين فترة وأخرى في جميع المناطق لضمان جودة المياه البلدية للشرب والاستخدامات الاخرى هي أمور ضرورية لطمأنة الرأي العام وبالتالي التوجه بالمجتمع نحو الاستهلاك المستدام بالمساهمة بتحسين السلوك الشرائي والاستهلاكي العام.


فقدت وزني
من جهته، قال محمد جعفر (48 عاما): “لم أكن اشكو من أية أعراض، ولكني عانيت من اضطراب بالمعدة ونفخة وإسهال وإمساك وألم مزمن. راجعت أحد الاطباء فوصف لي علاجا للمغص وملين، ولم أتحسن، ورجعت للطبيب مرة ثانية وعاشرة، ولم تنفع كل الادوية التي وصفت لي، ومر على هذا الحال أكثر من 8 شهور، وبدأت أفقد وزني، و تم تحويلي لاجراء الصور المقطعية، وبعدها تطورت الحالة ليتم اجراء منظار، لأكتشف وجود ورم، حيث كان السرطان في مراحل متقدمة، وحاليا اخضع لجلسات العلاج. صحيح أنني كنت أتناول الخبز الشعبي، ولكني لا أتصور أنه السبب في إصابتي بسرطان المعدة”.


دم أسود
بينما سردت أنيسة علي (57 عام) حكايتها مع المرض، التي بدأت أعراضها بآلام وحرقة شديدة واضطراب بالمعدة، وتقلب بالشهية ووجود دم أسود في البراز، وألم مستمر، وراجعت العديد من الاطباء، وتطور الحال الى عدم مقدرتها حتى على شرب الماء، وبعض الاطباء وصفوا لها أدوية مهدئة، حتى سافرت خارج البحرين، وساءت حالتها، حيث أجريت لها صورة طبقية ومنظار، وعرفت أنها مصابة بسرطان المعدة، لكنها استبعدت أن يكون للخبز دورا بإصابتها بالمرض.

الدكتور جلال المسقطي
الأورام الخبيثة
من جانبه، كشف استشاري علاج ألا ورام، الدكتور جلال المسقطي، عن أنه لا يوجد سبب واحد “ للإصابة بالسرطان، وإنما هي مجموعة من الاسباب”، مبينا أن السرطان يشمل مجموعة من الأمراض التي يمكنها ان تصيب كل أجزاء الجسم، وتعرف بالأورام الخبيثة نظرا لطبيعتها في التكاثر بشكل متزايد و قدرتها على التولد من جديد حتى بعد استئصالها وهو ما يميزها عن الأورام الحميدة الأخرى.


وعن سرطان المعدة، وارتباطه بالخبز الشعبي، نوه المسقطي، الى هناك بعض البلدان التي ظهرت وزادت فيها نسبة بعض السرطانات المرتبطة بأنماط الغذاء، كما في اليابان، من خلال تناول الاغذية “النية “ والأطعمة الملونة، مؤكدا أن البحرين توجد فيها رقابة شديدة جدا على كافة المواد الغذائية،ولذلك لايعد الخبز الشعبي سببا في الاصابة بسرطان المعدة.


“مشكل نهي”
في جولة لـ “ البلاد “ على مخابز التنور الشعبية، التي تشتهر بأقبال واسع عليها، رفض “شاكيل” وهو أحد الخبازين في أحد المخابز الشهيرة في منطقة الرفاع، الدخول للمخبز، أو التصوير خلال مرحلة تحضير العجين، وطلب منا موافقة “أرباب”، وأكتفى بالقول أنهم يعجنون ثلاث مرات صباحا وظهرا وليلا، وأنهم يستخدمون ماء “نظيف”، مشددا على ان الحرارة تقتل أي فايروس داخل الخبز، ظنا منه اننا نسأل عن الفيروس.


وفي أحد مخابز مدينة عيسى، أيد العامل محمد سليمان، ما ذهب إليه زميل مهنته الأول شاكيل، قائلا ان خبزهم صحي، ولايسبب أي مرض، وأنهم يستخدمون ماء الحنفية وانهم يخبزون منذ سنوات طويلة، ولم يشتكي أحد من زبائنه من المرض، كما أنهم يستخدمون الماء ذاته للشرب أيضا.


رقابة مستمرة
وبدوه، أكد مصدر مسئول بوزارة الصحة لـ “البلاد “ أن مياه البحرين آمنة، كما ان مياه الحنفية التي يستخدمها الخبازون من البلدية هي آمنة جدا، لافتا الى أن مياه الحنفية صالحة للشرب والاكل، لانها تخضع لرقابة مستمرة.