العدد 4443
الأحد 13 ديسمبر 2020
banner
الوفاء العظيم
الأحد 13 ديسمبر 2020

في زيارة قُمت بها أخيراً، لشاعر البحرين علي الشرقاوي، استذكرتُ بترحاب زوجته فتحية عجلان وحفاوتها الغامرة لي، الكرم البحريني الأصيل، والذي ينمو ويكبر بمحبة الناس، وزيارتهم ووصلهم وسؤالهم.


وأثناء حديثي معها، كانت الكلمات الباعثة للأمل تتسلل من شفتي زوجها المريض والمنهك علي، والذي كان دوماً - ولا يزال - يغدق على من حوله بالأمل والتشجيع والتحفيز والانطلاق للأمام، مهما تعسرت الظروف وتعثرت وصعبت.

لحظات قبل أن تُحدثني فتحية عن حاله، عن معاناته مع المرض، وعن يوميات العلاج المريرة بالهند ولندن والمستشفى العسكري، وعن السعادة التي توجد في قلبها حين ترى أية بادرة تحسُن له، والعكس بالعكس يُذكر.


حدثتني عن سنوات الزواج الأولى، وعن طبائع زوجها النادرة اليوم، عن هدوئه، وبساطته، وتسامحه اللامحدود، وسؤاله عن الآخرين حتى في مرضه.

وفي حديثها المستمر عن علي الشرقاوي، وعن ما يحتاجه وما يوجعه، سألتُها عن أي أمر آخر قد يشغل بالها غير زوجها المريض؟ تأملتني بحزن الأم على ابنها، قائلة: لا يوجد إلا علي، هو زوجي ووالدي وصديقي الوحيد.


وأثناء قيادتي للبيت، استذكرتُ زواجهم الذي تخطى الأربعين عاما، بحال الكثير من الأُسر اليوم، وكيف أصبحت كلمة “الطلاق” تُطلب وتُنطق كشربة الشاي، بلا أدنى “حشيمة” لا للأولاد، ولا للعشرة، ولا المواقف الجميلة.

استذكرتُ أيضا حاجة بعض الأُسر اليوم، للتسامح، وعدم الجحود، وعدم نكران الجميل، لكي تبقى العائلة، وتستمر، لكي يكبر الأولاد في جو صحي، آمن، مطمئن، غير مهزوز.


استذكرتُ الحاجة الملحة إلى “الوفاء العظيم”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .