كبار السن من أشد الفئات تضررًا من جائحة كورونا على مستوى العالم أجمع، فمنذ بداية انتشار هذا الفيروس اللعين قبل نحو عام وهم الفريسة الأسهل والأكثر عرضة لخطره، كما أنهم السواد الأعظم من الضحايا سواء من حيث الإصابة أو الوفاة لأسباب صحية مفهومة، وهو الأمر الذي يجب أن يتجاوز مرحلة العطف والشفقة عليهم إلى التفكير في كيفية حمايتهم والتوصل لطرق تمكنهم من الاستمتاع بحياتهم بما يتناسب مع هذه المرحلة العمرية، لاسيما من حيث ضرورة التواصل مع أحبائهم وأقربائهم لما لذلك من أهمية كبيرة في استكمال مشوار حياتهم بصورة طبيعية، فالتواصل الاجتماعي بالنسبة لهؤلاء الشريان الرئيسي للحياة.

وتقدم مدينة توبنغن الواقعة بجنوب ألمانيا تجربة ملهمة وجديرة بالدراسة والاستفادة منها في هذا السياق، فوفقًا لما نشره موقع إذاعة صوت ألمانيا على الإنترنت، فإن المدينة اعتمدت خطة خاصة بها تقوم على حماية كبار السن وإجراء الكثير من الاختبارات والمسحات الطبية لكل من يريد زيارة أقاربه بدور المسنين، ومن بينها دار باولينه كرونه التي بها نحو 100 من كبار السن، إذ إن كل راغب بالزيارة له أن يجري اختبار كورونا بالمجان، وتأخذ الممرضة مسحة من الأنف، وبعد ربع ساعة تكون النتيجة جاهزة لتصبح الزيارة لدى المسنين في الدار خالية من المخاطر.

من الجوانب الأخرى لهذه التجربة تمكين المسنين من التسوق والتنزه في أوقات خاصة بهم وبوسائل مواصلات رخيصة مع توفير الكمامات المجانية.

وإذا كان البعض سينظر إلى التكلفة المرتفعة لهذه التجربة فعليه أيضًا أن ينظر إلى ما ستوفره على الجانب الآخر من أموال كثيرة تفوق هذه التكلفة، حيث إنها نجحت بالفعل في تقليل الإصابات والوفيات بين كبار السن، ومن ثم التخفيف من الازدحام في المستشفيات ورفع كفاءتها وتمكينها من معالجة الحالات الأخرى، ويبقى هدف الحفاظ على حياة أحبائنا من كبار السن هدفًا نبيلا لا يقدر بمال ويستحق التضحية بكل ما هو غال من أجله.