لاشك أن مشاركة الوالدين في العملية التعليمية ساهمت في دعم التعليم عن بعد خلال هذه الجائحة، حيث كان لها أثر إيجابي واضح على مستوى التحصيل الدراسي، لكن من المؤسف أن تتخطى هذه المشاركة حيزها المسموح به وتنجرف نحو المحظور الذي يضر العملية التعليمية والتربوية في ذات الوقت، حيث إن التعليم عن بعد فتح الباب على مصراعيه أمام أولياء الأمور للتدخل بشكل أوسع في متابعة أمور أبنائهم التعليمية خصوصا في المرحلة الابتدائية، والتي تجاوزت أمور المتابعة والاستذكار حتى وصلت إلى المشاركة في حل الأنشطة والتطبيقات وكذلك الاختبارات، بل أصبح بعضهم يتولى الإجابة عن أبنائهم بشكل كامل، علاوة على إنشاء مجموعات "واتساب" يبحث فيها أولياء الأمور عن الإجابات الصحيحة ويتم تداولها فيما بينهم حتى يحصل أبناؤهم على درجات كاملة دون نقصان لكي ينافسوا بها على المراكز الأولى. ويبرر بعض أولياء الأمور فعل ذلك بسبب صعوبة استيعاب أبنائهم طبيعة الامتحانات ومتطلبات الإجابة عن الأسئلة المطروحة فبالتالي يلجأون إلى مشاركتهم في الإجابة خوفاً على شعورهم بالإحباط أو الفشل أو الإصابة بالحرج من تدني الدرجات.

لهذا يتوجب على أولياء الأمور إدراك النتائج العكسية الناجمة عن هذه التصرفات التي تؤثر سلباً على أبنائهم، فحينما يتقمص أحد الوالدين دور ابنه الطالب في الإجابة على ما يسند له من أنشطة وتطبيقات ويتعداها إلى الاختبارات؛ فإنه بهذا الفعل يرسخ عند ابنه صفة الاتكالية والاعتماد على الغير ويضعف عنده روح المصداقية والأمانة والجد والمثابرة، وهذا بالطبع أسلوب غير مقبول تربوياً ويرقى إلى الغش بل ويؤسس له، ولا يحقق مبدأ العدالة بين الطلبة لأنه بذلك سيتساوى الطالب المجتهد مع الطالب الخامل الذي لم يحرك ساكنا، وفي اعتقادي ان التعليم عن بعد يجب أن تكون له طرق تقييم مختلفة عن التعليم الاعتيادي، وأن يكون التقييم مرتكزا على المهارات والقدرات وأن لا يكون مقتصراً على الحفظ فقط، فالاختبارات الحالية تقيس فقط القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات والحقائق ولا تقيس الأنشطة التي يقوم بها المتعلم، كما من المفترض أن تكون هناك آلية معينة يُلزم بها الطلاب عند تقديمهم الاختبارات بحيث تحد من تدخل أو مساعدة أي طرف في الإجابة.