+A
A-

المؤلف مرشح بمسابقة أمير الشعراء: لا تبني للشعراء الشباب ولا دعم لنتاجاتهم

علي المؤلف يؤمن أنَّ الشَّاعر لا تشكله قراءاته الثَّقافية والمعرفية، وإنَّما هواجسه الإنسانية، ومعاناته الوجودية، أمَّا القراءات الثَّقافية المحضة غير كافية لتشكيل هُويَّة إبداعية، يرى أنَّ الموهبة لا تنميها القراءة فحسب، ولكن للقلق والتوجس أن ينميانها.

حقق جائزة البابطين لأفضل قصيدة في ٢٠٢٠، وصل للمراحل النهائية لأمير الشعراء بموسمه الثّامن، ويحدث الآن أنه يجمع مخطوط ديوانه القادم الّذي سيرى النّور قريبًا.

 

من هو علي المؤلف؟

يطيب لي البدء بشكركم على استضافتي وعلى هذا الحوار الّذي يتخذ صفته الإعلامية، ولكنه اصطدام مع مرآة الذّات.

أما من هو (علي المؤلف)، للوهلة الأولى السُّؤال عاديٌ جدًا غير أنِّي كلَّما أهمُّ بِهِ لا أرى إلاَّ الماء ساربًا من يديّ ما أنا قابضٌ له، فأنا ذلك المسكون بالهواجس والقَلِق، الّذي يسير في ذكرياته فيشمّ في زواياها وسيمع من أصداها، وما ورث لقبه الأدبي إلاَّ من أمِّه لا أبيه، فتكنَّى بكنيتها أدبيًا وعرفه جمهور الشعر بشياع، بلقب علي المؤلف: مواليد المنامة ١٩٩١، بكالوريوس أنظمة معلومات من الجامعة العربية المفتوحة ويعمل مديرًا  للأنظمة الرقمية في إحدى الشَّركات الخاصَّة.

 هو السَّاكن الممتَدُ فيَّ، يتمنَّى كثيرًا لو يستطيع الهروبَ منِّي، والجلوس على حافَّة الأفق ليشعل بخيوط الشَّمس سيجارته، يذوِّب القمر الفضيَّ في فنجان قهوته، يشكِّل من الغيم نايًا، ويكتب قصيدة لأنثى لأكثر من حياة واحدة ..!

 

هل للشاعر طفولة مميزة مليئة بالحب والمشاعر، تؤثر في أبعاد طفولته، هل كان هناك أثرٌ على علي المؤلف ساعده على اكتشاف موهبته؟

لا أعلم إن كانت هناك أثرٌ على الموهبة أم أن للموهبة أثرٌ عليَّ فعلًا، أم هي عثرات أقدار كان الأشد والأرق من بينها أن أكون شاعرًا، يمارس هاجسه النفسي، كنت اقترفت كتابة الخواطر على شكلٍ عموديٍّ لا وزن له في بداياتي، أحرّر الموجودات من شكلها الجامد إلى شكلها الحر، إلى أن تفاجأت بنفسي جالسًا في إحد الورش النقدية جالسًا في طاولة تضم الشاعر سعيد زين الدين والذي قرأ هواجسي وخربشاتي وعجزي الشّديد تجاه الحياة، فتنبأ لي وساعدني بتعلم الوزن والقافية ، بعدها امتدَّ بي ذلك للقراءة و البحث عن هذا العلم إلى أن بدأت أزعم أنّي أحاول أن أكون شاعرًا ما

كان لي أن أكون قارئًا ومحبًا للشعر بفضل أمي الَّتي تضم مكتبتها العديد من الكتب القيمة مما أدّى إلى تعزيز الموهبة، هذا الأثر العائلي بين والد ووالدة، مهتمّان ويحفظان بعض الشّعر، واشتراكات والدتي الشهرية التي من ضمنها مجلة العربي الصغير، حيث كان تحرص على منحي إيّاها، أسهم في تعزيز فطرة المعرفة في طفولتي، كنت مليئًا بالأسئلة، ولم تكن أمّي مانحة الأجوبة ولكن لم تكن محرمة الأسئلة عليّ.

هل واجهت صعوبات ومعوقات كشاعر شاب بحريني ؟

في البحرين ليس الشَّاعر بمرتبة فنَّان، لا يرقى جماهيريًا الرقيَ المنظور ولا يلقى الدَّعم المأمول، ليس هناك مؤسسة مباشرة تتبنَّى الشُّعراء الشباب وليس هنالك دعم مباشر لنتاجات شبابية منتظرة، ليس ثمة استقطاب للشعراء الشباب ودعمهم لا ماديٌّا ولا معنويًّا ، لذلك هي مسؤولية المراكز الثقافية وهذه دعوة لكل مركز أدبي تفعيل نشاطاته الأدبية، بضم الطاقات الشبابية، ودعوة لأن تتخذ أسرة الأدباء والكتّاب صفتها الي يجب أن تتخذها كبيت للشعراء الشّباب، باختلاف مشاربهم الأدبية، ودعوة لأن تكون هناك مسابقة على مستوى الدّولة للشعراء الشّباب تبرز وجه الوطن الشبابي الإبداعي.

 

هناك شعراء حفروا أسماءهم في ذاكرة التاريخ ، وتخلدت أبياتهم وصارت تُدرس للأجيال حتى بعد مئات السنوات .. فهل انتهت هذه الحقبة الزمنية التي ينقش فيها الشاعر أبياته في ذاكرة التاريخ ؟

الشعر لا يعترف بالحقب و الأزمنة، ما زال رحم الشعر ولودًا، هناك العديد من الظواهر الشعرية في الشعر الحديث المعاصر، ولعلّي إن وددت الإشارة للبحرين بين طرفة بن العبد وبين قاسم حدّاد، سنجد أن حدّاد سنّم البحرين مرتبة رفيعة في الخارطة الإبداعية، كشاعر عالمي، هذه الظاهرة المبدعة والمدرسة استقطبت التجارب الشبابية لاقتفائها، و انا من الَّذين تأثَّروا كثيرًا بهذه المدرسة مؤخرًا وأجد أن فكرة تخليد الشاعر خرجت من إطار خلود النص الشعري المجرّد لإطار خلود التجربة الشعرية ككل.

 

ماذا يمكن للمسابقة الشعرية أن تضيف في رصيد الشاعر؟ وما هي أهم المسابقات التي شاركت فيها وكان لها أثراً في مسيرتك الفنية ؟

 أنا من الشعراء الّذين دخلوا عالم الشّعر من المسابقات الشعرية، وكنت شاركت في جائزة البر بالوالدين على مستوى البحرين ، وكانت أولى المسابقات الي أشترك وأفوز بها، وحققت المركز الثالث بقصيدة عن الأم دفعتني لأن أنطلق انطلاقة جديدة متصاعدة، وأطمح في ولوج مناطق التنافس الشرسة والمسابقات الشعرية تضيف الكثير للشاعر على مستويين أساسيين :-

١- الوصول بتجربة الشاعر لمنطقة الضوء.

٢- التنافس الشعري والذي يولّد حالة مختلفة من خروج القصيدة من مساحة تنافسية مغلقة إلى مساحة تنافسية مفتوحة.

 

منذ متى وأنت تأمل المشاركة في أمير الشعراء، وهل هي المرة الأولى التي تقدمت فيها للبرنامج؟

لم تكن هنالك فكرة ، أظن ذلك، لا تفكير أو إعداد أو تخطيط معي ، لا شيءَ من هذا أبدًا إنّما كانَ أكثر من ذلك بكثير ، هو شغفٌ انتابني منذ الموسم الأول لأمير الشعراء حيث كنت متيمًا بالشاعر جاسم الصحيح وما أزال وأودّ المضيّ واقتفاء خطوه والوصول لأقصى الطموح وهذا ما أخذ بي لهناك ولكن بعد أن شعرت أن تجربتي ناضجة الآن ، وهيَ المرة الأولى الّتي أشارك فيها وأصل لأبوظبيّ على جناحي غيب ولهفة .

 

كيف ترى الساحة الشعرية في الخليج بشكل عام وفي البحرين بشكل خاص؟

كما يُشاعُ دائمًا ويقالُ : أنَّ "الشاعر ابن بيئته" تشير القراءات الّتي أدّعيها للقصيدة البحرينية أنَّها لا تكادُ تخلو مِن موروثاتها فجذور القصيدة البحرينية تنزاح إلى بيئة أسطورية، وشّعريّة تاريخية أصيلة ممتدَّة في حضارات عريقة، وأبرزها دلمون، حيثُ أن أدبيات الحضارة والموروث الثَّقافي المكنون سمة بارزة  ، ولا يمكن التّغافل عن أدبيّات الماء والنَّخلة فلطبيعة البحرين الجغرافية والبحرية ولنسمات بحرها وعلوِّ نخلها حضور بارزٌ، القصيدة هنا تحاول استثمار كل الموروثات التي تتيحها عراقة البحرين من أجل تحقيق الشعريَّة في النَّص ، ولا تتخلَّى عن رمزيَّة البحرين الثقافية ولا الجغرافية .

الشّعر في البحرين في تصاعد، هناك كثرة توصل عدد الشعراء إلى حد الذورة، على رغم أن الحراك الأدبي خجول، ليس هناك توثيق و تصدير للتجربة على الرغم من أنها تجارب تستحق.

قبل سنين مضت كانت السطوة لشعراء الشَّام والعراق، فهم كانوا أصحاب الثقل والحضور و لهم سبق التجربة، أمَّا اليوم و بعد الانفتاح الثقافي والأدبي أصبح الخليج منافسًا ومصدِّرًا للشعراء المبدعين والمتميزين، لا سيّما المملكة العربية السعودية التي تضجّ بقامات سامقة.

 

بعد أن قطعت مشواراً طويلاً في نظم الشعر .. هل تفكر في إصدار ديوان ؟ وهل توافق على مقولة إنّ إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولًا وأخيرًا ؟

هذا الهاجس هو هاجسي الأول في مرحلتي الحالية،  فأنا عاكفٌ على المراحل النِّهائية لمخطوطي الشعري و هو في مراحله الأخيره، وآمل أن يرى النور قريبًا.

 

في الختام ما هي المواقف والقضايا التي تثير قريحتك الشعرية وتجعل قلمك ينبض بالحياة؟

 لا تدفعني المواقف والقضايا بقدر ما يحركني هاجسي، أنا شاعر لا أستطيع الكتابة إلاَّ في أتعس اللحظات، أو تحت نشوة الموقف.

 

مساهمة من:

سيد حسين الوداعي

طالب اعلام في جامعة البحرين