العدد 4458
الإثنين 28 ديسمبر 2020
banner
عيد المحبة والسلام
الإثنين 28 ديسمبر 2020

لما أنزل الله تعالى الديانات السماوية إلى الأرض من خلال أنبيائه “عليهم السلام” أنزلها ليهتديَ الناس بها ويسموا بمبادئها ويعيشوا معًا بقيَمها، ولتكونَ نورًا يحميهم، وبصيرةً لحاضرهم ورؤية لمستقبلهم، ليتوحدوا جميعًا تحت ظلال المحبة والسلام.

إن ارتباط الإنسان الروحي بالدين ــ مهما كان اسمه ــ له جلال قدره وعنفوان مجده، ويجعل انتماء الإنسان إلى الخالق الواحد قبل انتمائه للدين، ليتوحد الجنس البشري بنور الإيمان، ومن خلاله نتعلم ونتربى ونزرع ونعمل، لا من أجل الحرب والدمار بل من أجل الإعمار والازدهار.


عيد الميلاد دعوة للسلام، بالسلام نحقق عالما خاليا من العُنف والقتل، ومن الرأسمالية المتوحشة، ومن الكراهية والفرقة، ونُشيد بالسلام عالما تُوجَه قواه الاقتصادية لخير العالم ليُبعد عنه الفقر والجوع، حيث جميع الناس يأكلون وهناك فائض من الطعام، ويجعل المرضى يحصلون على الدواء أيًا كان الداء، سلامٌ يجعل جميع الناس يعيشون على أرضٍ تظللها الفضيلة وتسعها الرحمة لتكون حياة الإنسان آمنة.


في هذه الظروف الصحية الاستثنائية قد تكون أبداننا لا تلتقي إلا أننا نعيش الميلاد في قلوبنا، فالفرحة في دار العبادة أو في البيت واحدة، إنها فرحة ميلاد النبي عيسى ابن مريم “عليه السلام”، لا فرق بين الأنبياء، فجميعهم رُسل الله أرسلهم لهداية البشر ونشر الفضيلة والسلام بينهم، فاختلاف الأديان رحمةً للبشر، بها يهتدون وبمبادئها يتواصلون، وبقيَم التسامح والعيش المشترك يعيشون. وكما قال الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” (الناس صنفان: إما أخٍ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق).


مهما تنوعت أعمال الإنسان الخيرة فهدفها واحد وهو عبادة الله التي دعت إليها جميع الكُتب السماوية وحثت عليها الديانات الأرضية، وما الحياة إلا تجليات إرادة الله للإنسان الذي يتصرف وفقًا لمشيئة إرادة وقوة تعلو عليه وقريبةً منه تدفعه دائمًا لفعل الخير وتبعده عن الشر. إنما الأديان وُجدت من أجل الإنسان الذي خُلق لأفضل غاية “السكن في الأرض وتعميرها”، تعميرها وجودًا وحُبًا وأمنًا. فجميعنا بأدياننا وأعراقنا وألواننا وجنسنا شركاء في الوجود والإيمان والحُب، فأينما يُوجد الله يكون الحُب، فلتقرع الأجراس ولتكَبِر المآذن بتحية السلام. وكل عام وجميعنا بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية