يردد البعض مقولة إن "السينما فن وافد" وهي عبارة تبدو كاعتذار عن موجات الهبوط التي تعتري الفن؛ حيث لا يدرك أصحاب هذه المقولة أن جميع الفنون في العالم، وجميع الأعمال والصياغات الأدبية والموسيقية، وحتى التكنولوجيا المعاصرة، جميعها هي فنون وأدوات وافدة، يسعى العالم كله شرقاً وغرباً وجنوباً إلى احتوائها، ووضعها في صياغتها القومية المناسبة، وفي إطار ثقافاتها، وهو ما يقدم عليه الناقد السينمائي والمخرج هاشم النحاس في كتابه "كتابات تأسيسية في الثقافة السينمائية".

إن الجهد النظري المقدم في هذا الكتاب يزيل الحدود بين ما هو أجنبي وما هو قومي، ويشغل حيزاً من ثقافة العالم، وإسهاماً على نفس المستوى في ثقافتنا العربية، ليس باعتبارها مواجهة له؛ لكن باعتبارها جزءاً منها، ولعل أولى الدراسات التي يحتوي عليها هذا الكتاب؛ وهي دراسة "سيكولوجيا الإبداع والسينما" تضع ما يشبه البيان لفهم علمي، يجد هاشم النحاس معادلاً لتطبيقاتها لدينا، مسترشداً بدراسات يوسف مراد ومصطفى سويف في علم النفس.

يتوصل هاشم إلى وضع خريطة واضحة؛ تمكنه من تقييم العمل السينمائي، بتحديد الأبعاد التقريبية الخاصة لهذه الخريطة، بمجموعة من الأسئلة عن الحساسية للمشكلات، وعن الطلاقة، وعن المرونة في التفكير، وعن الأصالة، ويقدم نماذجه مستشهداً بعدد من الأفلام المهمة على مستوى العالم، يطبق خريطة أسئلة عن الوضع السينمائي في مصر.​